ترتفع حرارة المعركة الإنتخابية في مدينة بعلبك مع إقتراب موعدها في 8 أيار، وتستقطب الأنظار نظراً لطبيعة المعركة التي يغلب عليها الطابع العائلي والعشائري والحزبي، في ظلّ الحرمان المستعصي على مرّ السنين، والذي أصبح صفة ملازمة للمنطقة، فيما لم تفلح البلديات المتعاقبة ولا نواب المنطقة في معالجته، بل بقيت الخطابات والشعارات الإنتخابية مجرد خطط تجذب الأصوات إلّا فيما ندر.
يستعد الثنائي الشيعي (حزب الله، حركة أمل) لخوض المعركة الإنتخابية في مدينة بعلبك، بعد أن إستُكملت التحضيرات إستعداداً لها، وعملت خلالها الماكينات الإنتخابية للطرفين على بلورة الصيغة التي طبقت خلال إنتخابات 2004، 2010 وكانت نتائجها محسومة لصالح التحالف بعد هزيمة لـ 1998 التي مُني بها الحزب.
منذ أكثر من شهر تُعقد اللقاءات والمشاورات مع العائلات الكبرى لبلورة اللائحة التي سيخوض فيها التحالف المعركة بوجه لائحة أخرى لم تكتمل بعد، ويتحضّر 31578 ناخباً موزعين بين 19695 ناخباً شيعياً، 10237 ناخباً سنّياً، و1646 ناخباً مسيحياً لإختيار 21 عضواً للمجلس البلدي موزعين أيضاً على 13 شيعة، 7 سنّة، و1 مسيحي.
وإذا كان الأعضاء المحسوبون على «حزب الله» لم تتبلور أسماؤهم كافة بعد، في إنتظار ازالة بعض العراقيل، إستكملت حركة «أمل» أسماء أعضائها السبعة موزعين على الشكل الآتي: ثلاثة سنّة إثنان منهم لجمعية المشاريع الخيرية وأربعة شيعة فيما يعمل الحزب على إستكمال العدد المتبقي من حصته للمجلس البلدي المنتظر.
وفي هذا الإطار، أكد مصدر في العمل البلدي لحزب الله لـ»الجمهورية» أنّ تحالف «حزب الله- أمل» وباقي الحلفاء يسري على الإنتخابات البلدية في بعلبك – الهرمل، وفيما شمل التحالف في الإنتخابات الماضية 60 بلدية من أصل 110، إرتفع العدد إلى 75 مجلساً بلدياً، وتحت عنوان التوافق بين العائلات يعمل الحزب حيث أنتج 27 بلدية بالتزكية عام 2010، على رفع العدد إلى النصف».
وأضاف: «حزب الله خسر في إنتخابات لـ 2010 في عدة مناطق منها اللبوة، شعث، مقنة، وهو يعمل الآن على إنتاج مجالس بلدية فيها بالتزكية وتقريباً أصبحت الأمور شبه منجزة، وختم بأنّ بعلبك ستشهد إنتخابات بلدية فيما ستشهد بلدة بريتال معركة حامية بعد أن قرّر الحزب خوض معركة فيها بوجه الشيخ صبحي الطفيلي الذي إنتهج سياسة عدائية ضدّ الحزب خلال الأعوام الماضية».
على رغم ضمان الفوز في الإنتخابات المقبلة في بعلبك، إلّا أنّ الإتفاق لم ينضج بعد، وفيه يعمل الحزب والحركة على حفظ مقاعد للأحزاب الحليفة (القومي السوري، البعث، التيار الوطني)، وإستكمال النقاش مع العائلات الشيعية الكبرى للإتفاق على أسماء مرشحيها، ومصادرة دور وحصص العائلات الشيعية الصغيرة التي تسعى وفق ما علمت «الجمهورية» إلى تشكيل تجمّع يؤسس لكتلة وازنة في الإنتخابات البلدية المقبلة (أكثر من 5000 ناخب)، بعد أن همّشت على صعيد التمثيل الحالي في المجالس البلدية والإختيارية والوظائف البلدية والعملية الإنمائية.
أما العائلات السنّية فهي تعمل على توحيد قرارها بإختيار ممثليها، فيما غرَد البعض منهم خارج السرب وأعلن إنضمامه إلى لائحة «حزب الله،» بعد وعود تلقّاها بحصة من الغنائم البلدية.
ولأنّ الشيطان يكمن في التفاصيل، يبقى تقسيم الحصص مسألة معقدة وصعبة، وكما جرت العادة يقسم الحزب رئاسة المجلس البلدي في بعلبك إلى مرحلتين، ويتمّ توزيعها على العائلات (الرئاسة للشيعة، النيابة للسنّة)، هذا التقسيم ينتقده البعض بإعتبار أنّ الحزب ينطلق من القاعدة العائلية وليس القاعدة الإنمائية. أما هذه السنة فقد أكتمل نصف المشهد حيث تمّ إختيار عائلة آل اللقيس لتولّي نصف الدورة المقبلة فيما بقي النصف الآخر محلّ نقاش وجدل بإنتظار إستكمال المشهد.
وما يُطبّق على الرئاسة يسري على حصة نائب الرئيس التي تُعطى للطائفة السنّية حيث جرت العادة أن تتقاسمها العائلات السنّية الكبرى (صلح، الرفاعي) ممّن ينضم إلى لائحة الحزب، في حين يحاول البعض تغيير المعادلة وتمثيل العائلات الصغيرة، كذلك تعمل جميعة المشاريع والتي تحالفت مع الحزب في 2010 بأن يكون له نصيب في ثلاث سنوات.
في المقابل يستعدّ رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي الذي فاز على الحزب في معركة 1998 إلى خوض المعركة الحالية بوجه الثنائي الذي أخرجه من المعادلة بإنتخابات لـ2004، ويعوّل ياغي على أصوات العائلات السنّية وبعض العائلات الشيعية المهمّشة، ولتسجيل حال من الإعتراض على أداء المجالس البلدية المتعاقبة، ويهمس البعض بأنّ لائحة ياغي لن تكتمل لجملة أسباب أهمها الدعم المالي المفقود ورفض بعض العائلات الشيعية الكبرى الإنضمام إلى اللائحة بعد تمثيلها وضمّها من قبل الحزب.
هذا ويبقى الإنماء والأمن مطلبَ أهالي المدينة بعد معاناة لا يمكن أن تتوقف إلّا بتضافر الجهود المحلّية والحزبية ومؤسسات الدولة في إعطاء المدينة الإهتمام والرعاية المطلوبين للنهوض وإستعادة الدور السياحي لها.