حين يجزم قيادي حزبي رفيع المستوى في ثنائي «امل-حزب الله» ان اميركا تشن على لبنان حربا سياسية واقتصادية وامنية شاملة، محذرا من ان «الآتي اعظم»، فهذا يعني بان الوضع لا يبشر بالخير ابدا.
يستند المسؤول الذي يملك مفتاح الحل والربط في الكثير من الملفات السياسية اللبنانية الى ما نقله المبعوث الاميركي ديفيد شينكر مؤخرا الى المسؤولين اللبنانيين حيث هددهم بشكل غير مباشر بان لبنان امام خيارين: اما ترسيم الحدود البحرية والبرية مع العدو الاسرائيلي وتقييد حركة حزب الله في لبنان وسوريا معا،والا فان العقوبات الاقتصادية ستتوسع اكثر فاكثر لتشكل حالة انقلاب في الشارع اللبناني ضد حزب الله.
الاخطر فيما نقله القيادي هو كشفه معلومات حساسة جدا عن ان «الادارة الاميركية في صدد اتباع سياسة عقوبات وضغوطات اقتصادية جديدة ضد لبنان»، وفحوى هذه المعلومات توجه واشنطن لفرض عقوبات على شخصيات وكيانات سنية حليفة ومعارضة لحزب الله واخرى محايدة او بمعنى اوضح لا تعارض سياساته من اجل تاجيج جو فتنة «سنية- شيعية» على شاكلة الاجواء التي عصفت بلبنان بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري في 2005.
عليه، لا يبدو القيادي متفائلا بامكانية تجاوز لبنان بسهولة المخطط الاميركي الجديد، فواشنطن لا تريد من وراء هذه الفتنة اشعال الحرب ولكنها تريد اعادة لبنان مجددا الى عصمتها تحت قوة الضغوطات الاقتصادية والامنية والسياسية ومن خلال التهويل بالفتنة.
وهذا لا يخرج وفقا للقيادي عن المجريات التي رافقت مسالة عودة العميل الاسرائيلي المجرم عامر فاخوري الى لبنان الذي شكل بعودته هدية مجانية للاميركي، ففاخوري عاد الى لبنان بتاييد غير مباشر من التيار الوطني الحر وقد يكون لشخصيات في التيار وفقا لما يتم تداوله دور رئيسي في اعادته معنويا او فعليا.
وهذا ما سوف تستغله اميركا بحسب القيادي لدق اسفين في علاقة حزب الله تحديدا صاحب الايديولوجية المقاومة لاسرائيل مع حليفه التيار الحر والقوى اللبنانية الاخرى.
ويستدرك القيادي كلامه هذا مؤكدا بان المقصود هنا ليس الاساءة الى التيار بقدر توضيح طبيعة المشهد الذي قد يفرض انقسامات داخل البيت الواحد، فكيف على صعيد خصوم الحزب في حال طبقت واشنطن رزمة الضغوطات الاقتصادية الجديدة التي تحضرها.
هي من المرات القليلة التي يقارب فيها قيادي ينتمي للثنائي الشيعي الملف اللبناني بهذه السوداوية، فالضغوطات الاميركية وفقا لمعلومات القيادي لاقت ترحيبا فرنسيا لاول مرة رغم حرص الاليزيه سابقا على عدم مجاراة التهور الاميركي، وحسب ما وصلنا من معلومات فان هذه الضغوطات مستمرة تصاعديا حتى لو عادت المفاوضات النووية «الاميركية- الايرانية».
والقطبة المخفية لتخفيف الضغوطات عن لبنان تبقى بحسب القيادي في ايجاد مساحة مشتركة بين الايراني والاميركي حول ملف الشرق الاوسط بشكل عام وسوريا بشكل خاص وهو ما يبدو متعذرا في الوقت الحالي.