IMLebanon

تجهيل طائفة

 

 

 

يُخيّل للبعض أن الشيعة قبل الثنائي “حركة أمل” و”حزب الله” ما كانوا… البعض من الذين “يعلّمون أولادهم حبّ النبيه” أو من المتحسّبين لما سيحلّ عليهم من “الويل من بعده” – والإثنان شعاران عملاقان مزروعان في أول الطريق إلى الجنوب وعلى مدخل الزهراني ومنمنمات عنهما ما بينهما وما بعدهما، بالإضافة إلى المحتسبين للموت الذي كان يُوقعه عليهم بلا حساب ولا مقدّمات الأمين الفائت لـ “حزب الله” حسن نصرالله ومن يواليهم.

 

وكما التقويم الميلادي والهجري، يعتقد البعض أن التاريخ الاجتماعي والثقافي للشيعة ابتدأ مع حلول النبيه في مراكز السلطة وتواصل لمّا جاء نصرالله والفتح. قبل ذلك، كانت جاهلية مدقعة. فالدولة الشريرة والفاجرة تفرد الشيعة على قارعة الحرمان و”عتّالين على البور”… وابن العائلات الإقطاعية الشيعية منصرف إلى تعليم كامل – حدّ الزعم السائد، تاركاً الجهل يضرب أطنابه في باقي أصقاع الطائفة.

 

لكن الحقيقة التاريخية والاجتماعية غير ذلك التجهيل المتعمّد للطائفة من أجل استلحاقها، تحت شعار رفع المظلومية، بالثنائي الفاسد والإقصائي وغير الميثاقي “حركة أمل” و”حزب الله”.

 

قبل الثنائي، شهدت المدارس الخاصة لدى الشيعة طفرة مع تعدّد المبادرات الفردية وفي إطار الجمعيات الأهلية ودعم المغتربين لها، سيما من أفريقيا حتى سبعينات القرن الماضي. وكان التعليم الرسمي يتوسّع أفقياً منذ عهدَي الانتداب والاستقلال.

 

قبل الثنائي، تمنّع بعض رجال الدين الشيعة مثل عبدالحسين شرف الدين عن الترحيب بالبعثات الأجنبية التي انكفأت بالنتيجة عن الجنوب والبقاع. بالمقابل، فرضت السلطات التعليم الرسمي بالقوة بدل الكتاتيب القرآنية. وانخفضت نسبة الأمية في الطائفة الشيعية وزاد التحاق الشيعة بالتعليم.

 

 

مدارس الثنائي أتت في مرحلة الحرب وبها، حين نشأت مؤسسات “أمل” وتكاثرت جمعيات ومؤسسات محمد حسين فضل الله و”حزب الله”. ونَمَت حوزات دينية ذات حاضنات سياسية وبتمويل إيراني. في هذه المؤسسات المتّسمة بظروف الحرب، تبعية سياسية وتنشئة عقائدية وتعبئة إيديولوجية تأخذ الهوية وعناصر الثقافة إلى صورتها الطائفية القصوى، بما يتناقض مع الدستور والقانون، ومع قيم المجتمع اللبناني القائمة على الانفتاح والحريات وغنى التنوع. ويتسلّل ممثلو تجهيل الطائفة إلى مغاور الهدر في الدولة كالمركز التربوي حيث يتشاركون قسمة المغانم والمنافع في دوائر النفوذ القائمة، يثبّتون حدودها أو يعيدون ترسيمها في ضوء تبدّل موازين القوى.

 

 

في مدارس الثنائي وجمعياته ومؤسساته التربوية، لا تربية على المواطنية بل تعليم الجهل المقدّس وطمس الوعي ومصادرة إمرة النفس لدى الفرد وإهانة كرامة الإنسان الشيعي وتجهيل طائفة برمّتها.