IMLebanon

حلم «الدّولة الشيعيّة»  

 

«لبنان كان للشيعة»، جملة ليست غريبة فقد سبق وأعلنها الكاتب سعدون حمادة في كتابه «تاريخ الشيعة في لبنان»، كلام الشيخ أحمد قبلان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هو «الحقيقة»، بل هناك في هذه الحقيقة ما يزال مخفيّاً بالتقيّة، وسيُكشف يوماً ما عند اكتمال «حلم الشيعة» التّاريخي في الوصول إلى السلطة والتمكّن من حكم المنطقة العربيّة، ومن المؤسف أنّ الدّول العربيّة تتواطؤ على نفسها بتجاهلها لهذه الحقيقة، وتفسح المجال لإيران بالسيطرة على شيعة الخليج في كلّ دوله، فيما تدفن الأنظمة رأسها في الرّمل، سياسة النّعامة ستودي بها إلى حتفها، ولبنان ليس في وضعٍ مختلف عن هذه الدّول، بل على العكس لبنان رأس حربة إيران في إقامة هذه الدّولة، التي انطلق تنفيذ أجندتها في المنطقة من لبنان، ونستغرب أن يَتفاجأ الموارنة بكلام قبلان، لأنّهم ليسوا الوحيدين المعنيّين بهذا الخطاب مع ادّعائهم القلق والخوف على «حصّتهم» في المناصفة!!

 

ما قاله الشيخ أحمد قبلان «ناقصٌ» في وضوحه، باختصار «الثنائيّة الشيعيّة» قامت بتطبيق مشروعها وأطبقت يدها على لبنان، وباتت هي الجهة التي تفرض رئيس الجمهوريّة على الطائفة المارونيّة وفرض رئيس الحكومة على الطائفة السُنيّة تماماً مثلما تقطع الطريق على أي فريق لبناني في مجرّد التفكير في اسم لرئاسة مجلس النوّاب غير اسم الرئيس نبيه بري منذ أكثر من ربع قرن، فقط الشيخ أحمد قبلان قال بعضاً من الحقيقة وبلغة واضحة مهدداً من «يفتح فمه» بالفيدرالية أو غيرها، قال بصوت مرتفع «نحن لدينا تصوّر للبنان»، وللمناسبة، هذا ليس مجرّد تصوّر، هذا مشروع دولة حقيقيّة سيتمّ الإعلان عنها متى أصبح الوقت مؤاتياً، ومن يَعِش يرَ!

 

في كلّ مرّة يصطدم فيها اللبنانيّون بتهديد بتغيير شكل النّظام اللبناني، يرفعون الصوت بالتّحذير من المثالثة، الأمر أبعد من المثالثة بكثير، «الثنائيّة الشيعيّة» قادرة على تعطيل الدولة وشلّها، وقادرة على إحراق البلد متى احتاجت لفرض أجندتها بقوّة النيران الغزيرة، وسيطرت على مفاصل الدولة كلّها ورئاساتها، كلّ الدّولة أصبحت في يدها فعن أيّ مثالثة تتحدّثون؟! ولا يملك أي فريق أن يفعل أي شيء تجاه هذا الواقع، فقد تمكّنت «الثنائيّة الشيعيّة» من تنفيذ أجندة الخميني والخامنئي في لبنان، فيما فشلت حتى الآن في تحقيقها في اليمن والعراق، وسيتم طردها من سوريا عاجلاً أن آجلاً، ولكن السؤال الذي لا بدّ من طرحه، هل هذه «الدولة الشيعيّة» قادرة على العيش في لبنان، نشكّ في ذلك كثيراً!

 

في كلّ مرّة يجد أنفسهم أمام التهديد الشيعي بتغيير النظام والصيغة أو «ادّعاء» تطبيق اتفاق الطائف بدولة مدنية ومجلس شيوخ وقانون انتخابات من خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة واحدة، على اللبنانيّين أن يستيقنوا أنّ هذا الكلام ما هو إلا ترجمة فعليّة وأمر واقع يفرض عليهم أن يعودوا إلى البيان التأسيسي لحزب الله في شباط العام 1985 [جريدة السفير 17 شباط 1985] والذي كان تحت عنوان «من نحن» والذي فيه تعريف واضح للهويّة الشيعيّة ومستقبل لبنان من منظورها: «نحن أبناء أمة حزب الله التي نصرالله طليعتها في إيران وأّسّست نواة دولة الإسلام المركزية في العالم نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه. ويتولّى كل واحد منا مهمّته الجهاديّة وفقا لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد»، «نواة دولة الإسلام المركزية في العالم» إحفظوا هذه الجملة جيّداً هي باختصار الغاية والهدف والأجندة، ليست على وجه الحقيقة «دولة الإسلام المركزيّة» بل «إمبراطوريّة كسرى الفارسيّة»، إعملوا، هذه المحاولات والأحلام دأبكم ولطالما تكررت عبر التاريخ العربي والإسلامي، وفي كلّ مرّة انتهت بنكبة تأتيهم في ذرورة قوتهم عندما يظنّون أنّهم تمكّنوا وتحكّموا!!