Site icon IMLebanon

أنا لا أنتظر المهدي

 

 

بانتظار فرجه الشريف، عجّل بعض الشيعة سقوط مشروع الدولة في مجتمعاتهم. واقتنص شيعة إيران الفرصة على قارعة الانتظار الطويل، ليقولوا للشيعة أينما وجدوا: إن من تنتظرون موجود عندنا! فجعلوا نسخةً طبق الأصل في عيونهم عن صاحب الزمان ونصّبوا الوليّ الفقيه نائباً عنه! اخترعوا ديناً جديداً من الدين. أو اخترعوا ديناً ضد الدين بتعبير الدكتور علي شريعتي نفسه، لا فرق! المهم اخترعوا ديناً لمشروعهم السياسي التوسّعي. فأصبح للوليّ الفقيه شيعته في حواضر عربية كثيرة. يدينون له بالولاء والطاعة على حساب انتمائهم إلى هوياتهم الوطنية وقضايا مجتمعاتهم. وأصبح العالم بما فيه ومن فيه منفى لقضايا معقّدة جداً في السياسة والثقافة والمجتمع.

 

بانتظار المهدي، طغت إرادة التعطيل في كافة المجتمعات حيث يتواجد شيعة الوليّ الفقيه.

 

وحلّ الخراب والدمار والقضم من الداخل تحت حجة انتظار المهدي.

وبانتظار المهدي، لا سياسة سوى التي يقرّها تكليف الوليّ الفقيه الذي يفكّر ويستلهم نيابةً عن ملايين الشيعة!

بانتظار المهدي، تستعر الحروب الدائمة ويصبح القتل عادة في مقابل تغييب التنمية ومتطلّباتها…

 

بانتظار المهدي الذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً، يقوم نائب المهدي بشتى الموبقات ويجلب الويلات وسفك الدماء ويهتك القيم الإنسانية ويشيع الفوضى والقلاقل. وصولاً إلى الهزيمة الكاملة والسقوط المدوّي في الثقافة والسياسة والأمن والحضارة! وهنا يأتي دور تقديس الجهل وإنكار الواقع فتصبح الهزيمة انتصاراً، والذلّة عزة، وكرامة النفس طاعة عمياء…

بانتظار المهدي، تقوم الأنظمة الموازية في المجتمع وتعمل بفوضى عارمة وتخريب ممنهج في الدفاع والأمن والاقتصاد والمال والتربية والاستشفاء والقضاء، فتبرز حالة المجتمع بلا دولة، والدولة بلا رأس، والموت بلا سبب، والحرب بلا أفق ولا هدف… مع كلّ ما تنتجه هذه الحالات من شقاء تلقائي.

 

أنا لا أنتظر المهدي. وليست غايتي إعداد جيش له. الجيش تعدّه دولتي لغايتين لا ثالث لهما: الدفاع والأمن.

 

أنا لا أنتظر المهدي، بل أريد أن أرى التنمية الشاملة والمستدامة في مجتمعي.

 

أنا لا أمجّد الإفقار واستلاب العقل، بل أريد أن أعيش حياتي كإنسان والتزامي كمواطن بسلام وطمأنينة ورجاء ونماء في حاضنة الدولة وقضايا الوطن.

 

 

 

يا لهذا الانتظار الطويل المشحون بالأفخاخ، المحفوف بالشقاء وادّعاء الصفة في تمثيل صاحب الزمان… بالمقابل، المطلوب يسير وبسيط: المبادرة المباشرة، بلا انتظار، من أجل عودة اندماج المواطنين اللبنانيين بمن فيهم الشيعة في قضايا المجتمع ودينامياته وثقافة الدولة بأدوارها الحصرية في الدفاع والأمن والاقتصاد والمجتمع.