Site icon IMLebanon

السنّة والشيعة.. من يوقف المذبحة؟

يأخذ مفهوم الجهاد في المذهبين الإسلاميين المتصارعين، السنة والشيعة، الشباب الى نقطة لا تترك احتمالات تقاطع بينهما. لا تسمح التربية المذهبية وتقاطعاتها السياسية والمصالح المترامية والإنشداد نحو مراكز قوى واستحضار تاريخ الخلاف والقتل بإمكان بناء علاقة وطيدة وتعايش بين الجمهورين والتابعين والمناصرين. ويخفي النزاع المسلح بين مشاريع كبرى في المنطقة صراعاً سنياً شيعياً، يأخذ أبعاداً مختلفة في لبنان، وإن كانت ساعته تضبطها حلقات محلية وإقليمية ودولية. حتى أن الإعتدال بين المذهبين يتحول عند الإصطفاف المذهبي متاريس متقابلة طالما أن التعبئة واستنفار العصبيات بين الشباب يستحضران عند كل منعطف خطر أو تفجير يقتل الأبرياء والمدنيين، فلا يعود هناك مكان للعنصر الوسطي ويلتحق كل منهم في مذهبه وطائفته.

ويستحضر الصراع المذهبي الممتد من العراق وسوريا كل الموروث التاريخي بين الفريقين، من الخلاف الى الدعوة والتفسير والتأويل، وترفع متاريس متقابلة الى حد ما عاد ممكناً جمع شباب الطرفين في مكان واحد، فكيف في بلد متعدد ومتنوع طائفياً ومذهبياً كلبنان، لا يمكن فيه الفصل بين الناس والشباب جراء التداخل القائم في الحياة والاجتماع والاقتصاد والتربية وكل مكونات المجتمع. فكيف نفسر مثلاً هذا الإنشداد السريع نحو المذهب والإستنفار العصبي، والتمترس خلف مفاهيم وأساطير ما لم يكن هناك أساس لذلك يتمثل في التربية الدينية التي ينشأ عليها الأولاد في مراكز دينية، وحتى في مدارس تابعة لجمعيات ومؤسسات للمذاهب تحض على التعصب وأيضاً العنف، وتدخل في العقول تاريخ الصراع من زاوية ضيقة لا تترك مجالاً للتفاهم وللتواصل، إلا إذا أراد المرجع الديني أو السياسي ذلك، وبأمر وتوجيه أو فتوى منه.

وليس الحديث هنا عن “داعش” التنظيم الإرهابي الإسلامي الذي يرى فيه جزء من السنة خيارهم في المنطقة. فقد اختار بعض السنّة طريق الانتحار، واختاروا أيضاً هذا الطريق للسّنة. والشيعة ايضاً اختاروا طريقهم في الإنتحار وسلكوا مسيرتهم في هذا الإطار. فليس الصراع الإنتحاري في العراق إلا ذلك الدليل الذي يأخذنا الى الألوف من سنة “القاعدة” و”داعش” الذين نفذوا عمليات انتحارية ضد مواطنين شيعة. في حين قاتل سنّةُ العراق لاستبقاء سيطرتهم على البلاد، بما هم أقلّية. أما في سوريا، فيقاتل السنّة لدفع سيطرة أقلية عليهم يتصدّرها نظامٌ أقلوي مذهبي. أما في مسيرة الشيعة فهم تدخلوا وتورطوا في مناطق كثيرة تحت وهم أن في وسعهم أن يكونوا قوة واحدة مقاتلة، بما هم مذهب، فأهملوا حدود وطنية جماعاتهم في الدول التي ينتمون اليها وسلكوا أيضاً مسيرة انتحارية لا مكان فيها للإعتدال.

كل هذه التربية تحض على العنف والقتل والانتحار، طمعاً في جنة واحدة، لكنهم موعودون بالانتحار فحسب، فمن يوقف هذه المذبحة التاريخية المستمرة؟