IMLebanon

الصدمة ورد الفعل: كيف يتغير الوضع؟

دقت ساعة العلاج بالصدمات للجسم السياسي اللبناني المترهل. وهذا ما بدأه الرئيس ميشال عون بموقف حازم في مجلس الوزراء عبر معادلة بدت صادقة: اذا كان الخيار هو التمديد للمجلس النيابي أو الفراغ، فانه يختار الفراغ. وهو عمليا نوع من المفاضلة بين خيارين: سيّئ وأسوأ لتأكيد الحاجة الى الخيار الجيّد الطبيعي، فالتركيبة السياسية صارت محكومة بالانتقال من سياسة الرهان على التمديد الى سياسة الخوف من الفراغ. الأولى ساهمت طويلا في الاسترخاء، بحيث صار التمديد للنواب بدل الانتخاب وللموظفين بدل التعيين هو الخيار الأول. والثانية هي بداية العودة الى أساس العمل السياسي في النظام الديمقراطي، حيث الانتخابات ثورات دستورية حسب الكسيس دو توكفيل، وتجديد الدم في الادارة هو القاعدة لا الاستثناء.

والصوت الصارخ في الداخل ومن السفراء وزوار بيروت هو الدعوات الى قانون انتخاب عادل. والكل يتحدث، بعد صدمة الفراغ، عن الجدية في السعي للتفاهم على قانون انتخاب. وما نتمناه هو أن يكون حديث الجدية جديا. فما رأيناه على مدى ثماني سنوات من عمر مجلس مجدّد له لم يكن بحثا جديا، اذا كان المطلوب هو التمثيل الشعبي السليم والصحيح. لكن الجدية كانت مؤكدة في حرص كل طرف على ضمان مصالحه. فالهاجس هو حجم التمثيل، لا صحة التمثيل. والغش ليس خارج أصول اللعبة، سواء بالتزوير أو بالمال أو بضغوط القوة على اختلاف أنواعها.

والوجه الآخر لخطاب البحث عن صحة التمثيل الشعبي هو الاستلشاق بالشعب واللااحترام للحد الأدنى من حقوقه وواجبات التركيبة السياسية حياله. فكيف تطلب هذه التركيبة من الشعب أن يختار الذين يأتي بهم الى البرلمان، وهي عاجزة عن التفاهم على خيار واحد لقانون الانتخاب؟ كيف يأتي التمثيل الشعبي صحيحا وسليما حين نصل الى المهل الانتخابية من دون أن نعرف على أساس أي قانون سيتم الانتخاب؟ أليس الثبات في قوانين الانتخاب هو القاعدة في الأنظمة الديمقراطية؟ وماذا يعني الخيار عمليا عندما يكون الشعب مقسما الى طوائف ومذاهب هي بلوكات يصوّت كل منها جماعيا؟

قبل آلاف السنين حدّد أرسطو مفهوم الدولة بأنها جماعة مواطنين عاقلين أحرار، لا جماعة مؤمنين. أما في القرن الحادي والعشرين، فان مفهوم الدولة في لبنان هو انها جماعات طائفيين ومذهبيين سواء كانوا مؤمنين أو لا، وكوكتيل رعايا طوائف ودول خارجية، ولا مواطنة حتى للعاقلين الأحرار. والتغيير في مثل هذا الوضع حلم يصعب تحقيقه مهما يكن قانون الانتخاب.

والسؤال هو: كيف يتغيّر هذا الوضع، بحيث تقود الانتخابات الى اعادة تكوين السلطة، وليس الى اعادة انتاج السلطة نفسها.