في اوستراليا نوع من الضفادع بليدة الاحساس، لا تشعر بالألم، الا عند وصول السكين الى العنق، ولهذا تطبخ حية!
هذا اللاشعور، بالالم، واللااحساس بما نحن عليه من ضياع وتخدّر أقرب الى التسليم بالامور، بدل مضاعفة الجهد او اجتراح الحلول، لا نجده عند اي كائن آخر، فالحيوانات تحزن، وتغضب وترفض، وتمتنع عن الطعام، اذا فقدت احد ابناء الفصيلة، وحتى الخيول تذرف الدمع، بينما نرى انسان زماننا الحاضر، بالكاد يغرق بين البكاء من شدة الضحك، والضحك من فرط البكاء…
وحتى الحمار الذي دافع عنه الشاعر محمود درويش، وتغزل بصبره وطول اناته، توفيق الحكيم، كان ينهق، ويرفس تعبيرا عن الغضب او الألم، رغم طبيعته البليدة.
لكن ما عذر انساننا الذي ميزه الله على جميع مخلوقاته، في تآلفه مع الاساءة، وتناغمه مع العذاب، وفقدانه ملكتي الغضب والرفض، الى درجة الهوان، من فراغ رئاسي الى فراغ حكومي، الى تقاسم جبنته، وقراره وارادته، بذرائع ومبررات تتراوح بين حقوق الطائفة وكرامة المذهب، فيما نحن على ابواب المئوية الاولى لدولة لبنان الكبير..
والمعاناة ليست في السياسة فقط، فالسياسة في بلادنا، باب المنجم، الكهرباء بدل ان تكون للدولة، باتت الدولة ومؤسساتها الكهربائية بتصرف اصحاب المولدات، الذين باتوا يشكلون قطاعا من ثلاثة الاف محطة، مردودهم السنوي نحو ملياري دولار، اي بحجم الخسائر السنوية لمؤسسة كهرباء لبنان، وبدل ان تضم الدولة هؤلاء الناس اليها، عن طريق الاستيعاب، كما حصل مع ميليشيات معظم الاحزاب، بعد عودة السلم الاهلي، انضمت هي اليهم، عندما تحولت وباصرار وتحد، الى استئجار بواخر الانتاج التي هي في النهاية مولدات نقالة، تتميز عن مولدات الشوارع، بكبر الحجم وضخامة المردود على اصحابها ووسطائهم في الحكم والادارة…
كل الزعامات السياسية والتيارات، مرت على وزارة الطاقة، بمسؤوليتها عن الماء والكهرباء، ومع ذلك ما زالت المولدات مصدر الاساس للتيار الكهربائي، كما الصهاريج مصدر المياه في بلد الينابيع العذبة.
دولة المحاصصة، حولت كهرباء لبنان، ومياه لبنان الى اسماء على غير مسمياتها، فلا معامل الانتاج تكفي، ولا شبكات التوزيع تتحمل، وحتى الجباية التي يفترض ان تستقطب الرغبة والحماس عهد بها الى شركات محاصصة من نفس المعدن الصدئ…
الرئيس فؤاد السنيورة، طالب بصدمة وزارية، تدفع نحو تسريع تشكيل الحكومة، وطبعا هذا احتمال ممكن، لو واجه اللبنانيون فراغ الكهرباء والماء وتراكم النفايات وغيرها من الاحتياجات الاساسية بالنسبة اليهم بالصدمات المناسبة، لكنهم كانوا كمن يولى عليهم…
اننا ندفع ثمن لامبالاتنا بمأسوية ما نحن فيه، على مستوى السياسة والاقتصاد والنقل العام، وحتى مطار رفيق الحريري الدولي الذي تحول من بوابة لبنان على العالم الى ما يشبه مخمر موز في عز مواسم السفر..
المطلوب صدمة قانونية، قبل اي شيء آخر، بتفعيل القوانين وفرض احترامها مع مراعاة الكفاءة والجدارة، في الوظائف العامة، والعودة الى مجلس الخدمة المدنية، بديلا لمجلس الخدمة الشخصانية وصولا الى سيطرة الدولة على مرافقها مرة اخرى..
في الامثال الروسية: يوجد القانون حيث توجد القوة.
ويرى المفكر والمحامي باسم الجسر ان اللبناني يقرأ القانون اولا، ليعرف كيف يخالفه، وثانيا ليرى كيف يستطيع ان يكسب منه.. وهنا الصدمة مطلوبة.