تروي هيلاري كلنتون قصة عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رواها هو بنفسه لها، أثناء زيارة رسمية قامت بها لموسكو عندما كانت تشغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة.
تجري فصول القصة على الشكل التالي :
خلال الحرب العالمية الثانية كان والد بوتين جندياً في الجيش السوفياتي يقاتل في جبهة لينينيغراد (الآن سان بطرسبرغ). بعد مرور عدة اسابيع على مشاركته في الحرب حصل على اجازة قصيرة لزيارة عائلته في المدينة المحاصرة والتي كانت تتعرض باستمرار لقصف من الطائرات الحربية الألمانية.
وعندما وصل والد بوتين الى شارع قريب من منزله وجد سيارة شحن عسكرية سوفياتية محملة بجثث الضحايا الذين سقطوا بعد غارة شنّها الطيران الالماني. كانت الجثث مكدسة فوق بعضها على عجل.. خوفاً من استئناف القصف. وكانت الشاحنة في طريقها الى مقبرة جماعية لدفن الضحايا.
وقف والد بوتين مع غيره من أهل المدينة أمام الشاحنة لوداع الضحايا كلٌ على طريقته.. في هذه الأثناء لاحظ في قدم جثة امرأة من الضحايا حذاء شبيهاً بحذاء كان قد قدمه هو لزوجته هدية لها قبل أن يتوجه الى الجبهة. فشكّ في الأمر، وسارع مهرولاً الى المنزل لتفقد زوجته.. ولكنه عاد الى الشاحنة المحملة بالجثث مرة أخرى وطلب السماح له ان يكشف عن وجه الضحية التي تتراكم فوقها جثث العشرات. وقد سُمح له ذلك بالفعل بصفته العسكرية . وكم كانت دهشته صاعقة عندما اكتشف ان ظنونه كانت في محلها وان الجثة هي لزوجته.
لم يشأ والد بوتين ان تدفن زوجته في قبر جماعي. وبناء على طلبه سُمح له بنقلها الى مستشفى ميداني تمهيداً لدفنها في مدفن العائلة.
وهناك اكتشف الأطباء ان الزوجة لم تمت.. وانها لا تزال تتنفس ولكن بصعوبة. فعملوا على معالجتها الى ان شفيت تماماً.. وخرجت من المستشفى على رجليها حية ومعافاة.
لم تنته قصة بوتين الأب عند هذا الحد. فالفصل التالي كان أكثر تشويقاً. يتابع الرئيس الروسي روايته عن ابيه، فيقول: انه بعد مرور ثماني سنوات على هذا الحادث حملت الزوجة وأنجبت ولداً، أطلق عليه والده اسم فلاديمير. وهو فلاديمير بوتين نفسه صاحب الرواية والذي يتولى اليوم رئاسة الاتحاد الروسي والذي يملأ الدنيا ويشغل الناس بسياسته وبمبادراته العسكرية في اوروبا، أوكرانيا والقرم بعد جورجيا، وفي سوريا وشرق المتوسط.
ترى لو لم يشترِ والد فلاديمير بوتين ذلك الحذاء.. ولو لم يلاحظ الحذاء في قدم «الجثة» المغمورة بالجثث.. ولو لم يتعرف من خلال الحذاء الى «جثة» زوجته في شاحنة ضحايا قصف الطيران الألماني.. وبالتالي لو لم تخرج الجثة حية من بين الأموات بفضل ذلك الحذاء، أي عالم كان يمكن أن نواجه اليوم من دون فلاديمير بوتين؟!
هل كانت أوكرانيا خسرت شبه جزيرة القرم وكذلك المناطق الشرقية منها حيث الأغلبية من السكان تتحدث بالروسية؟
وهل كان النظام السوري قد صمد في وجه القوى المعادية له وتمكن بفضل قصف الطيران الروسي من استرجاع مناطق واسعة كان قد خسرها في شمال وجنوب وشرق البلاد؟
يحمّل الرئيس بوتين وزر إعادة العالم الى المربع الأول في الحرب الباردة. حتى إن هناك اعتقاداً بأنه لو كان على رأس الدولة في الولايات المتحدة رونالد ريغان ثان، أو جورج بوش ثان.. لما بقيت الحرب الباردة.. باردة.
ان اكتشاف حذاء في قدم امرأة كانت على شفا الموت ربما يكون من أهم اكتشافات القرن العشرين التي تساهم اليوم في صناعة القرن الواحد والعشرين !!