أضفى الرئيس سعد الحريري مسحة من التفاؤل في نهاية الاستشارات التي أجراها في مجلس النواب، أمس، مستمعاً الى النواب (كتلاً وأفراداً ومستقلين) ليستأنس بالآراء المختلفة في مشواره الطويل والمعقّد على طريق تشكيل الحكومة.
كيف يكون هذا الطريق؟
كثيرون يتوقعونه طويلاً. المتفائلون يعطون أواخر فصل الصيف حداً ادنى، بعضهم يذهب الى أن التشكيل لن يتم قبل نهاية العام، اذا أخذنا بالمطالب التي هي نوعان: الأوّل شروط ذات «منفعة شخصية أو ذاتية»، والثاني شروط ذات «منفعة عامة» ترتبط بالقضايا العالقة، وما أكثرها التي يواجهها الناس.
والرئيس المكلف اعتبر أمس، هذه الشروط والمطالب «طبيعية» وأدرجها في ما تعارفوا عليه من تكبير وتضخيم الشروط والمطالب للحصول على أكبر قدر من «المحاصيل» الوزارية.
فاليوم «الحافل باللقاءات» كان موضوعه واحداً: تشكيل الحكومة، ولكن المقاربات مختلفة. من هنا تضاعف الحديث عن الطرق التي تؤدي كلها الى الطاحونة كما يُقال في مثلنا اللبناني السائر الذي هو شبه ترجمة محلية للمثل العالمي الشهير: «كل الدروب تؤدي الى روما».
ثمة طريق عنوانه العام «الخاطر شان». وهذا يقتضي جهداً كبيراً في الوقت للوقوف على خاطر هذا وذاك. ولكن خاطر هذا يتعارض مع خاطر ذاك… فيقع الرئيس المكلّف ومعه البلد برمته في دوّامة ليس يُرتقب الخروج منها في مستقبل منظور.
وطريق ثان يقوم على الاقناع، ووسائله ليست كثيرة، أمام الشهية المفتوحة، دونما حدود، على الاستيزار… وعلى الوزارات السيادية، والوزارات الخدماتية الخ…
طريق ثالث يقوم على إرضاء البعض وبالتالي سيزعل البعض الآخر… وهذا لن يستغرق طويل وقت ولكنه سيرتب معارضة لا بأس بها في وجه الحكومة العتيدة.
أما الطريق الرابع فهو طريق «القادومية». والقادومية يا طويل العمر تعني العبور المباشر من مكان الى آخر حتى ولو كان خارج الطريق المعروف… وقد يدمي هذا العبور العابرين بحجر مسنّن في منعطف وبأشواق في «حفّة» وبإنزلاق في «نزلة»…
ولكنه يكسب وقتاً. وتكون ترجمة هكذا طريق بأن يتوافق الرئيس المكلّف سعد الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون في ما بينهما وبالتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على «وزارة أمر واقع» … ومن يعجبه فليعجبه… ومن لا يعجبه فليدقّ رأسه في الحيط… وبالتالي يذهب الجميع الى مجلس النواب. وهناك الثقة تكون مضمونة… فتقام في البلد حكومة متجانسة تواجهها معارضة قويّة… واصلاً هذه هي الديموقراطية في مفهومها وممارستها.
ويجب الاعتراف، أخيراً، بأن لكل من تلك الطرق حسناته وايجابياته و… مساوئه وسلبياته.
أمّا السلبية الكبرى فأن يبقى لبنان من دون حكومة.