Site icon IMLebanon

الدولة المقصّرة تعلّم الناس الحرام؟

تتمّ معالجة قضية استجرار «الانترنت» غير الشرعي من قبرص الى بعض الشركات والمؤسسات المعنية بتوزيع واستثمار الالياف الضوئية القبرصية وغير القبرصية والتي تحاول التحقيقات اكتشاف مصدرها، وكأن هذه القضية هي فضيحة الفضائح التي يغرق فيها اللبنانيون حتى الاعناق، في حين ان التدقيق في هذه القضية، سيوصل في الدرجة الاولى ادانة الدولة، وادانة وزارة الاتصالات في الحكومات التي سبقت تشكيل هذه الحكومة، وادانة موظفين كبار في هذه الوزارة. علماً بأن هذه القضية الفضيحة تشبه في نواح عديدة تقصير الدولة الفاضح في تأمين ابسط مستلزمات الحياة للمواطنين، مثل تأمين الماء والكهرباء و«الانترنت» ونظافة البلدات والمدن، وغيرها من الامور التي حال فساد الدولة والسمسرات دون تحقيقها، فكان ان الدولة، من خلال وزاراتها لجأت الى شرعنة البدائل وحمايتها، بحيث ان «موتورات» توليد الكهرباء، اصبحت تحت نظر الدولة ورعايتها، «قبضاي» الحي والشارع الذي يتحكّم بالمواطنين على مزاجه، اضافة الى المدن التي استغنت تماماً عن خدمات وزارة الطاقة وانشأت لها طاقتها الخاصة الدائمة وبأسعار اقل من «الموتوترات» وربما من الدولة، ولصهاريج المياه العابرة للقرى والبلدات والاحياء، والتي تمدّ خراطيمها في كل اتجاه، وتسحب الماء من فم الدولة، فلا احد يسأل ولا احد يراقب ولا احد يحاسب، الاّ عند تسديد اموال المحاصصة و«شوفة الخاطر»، ومؤخراً ولأن الزبالة، والمستفيدين من الزبالة انتصروا على الدولة، انفتحت شهيّة البعض على استيراد وانشاء محارق، ووقفت الدولة امامهم، مثل «الصبي مع خالتو»، لسبب وحيد، هو عجزها وسوء ادارتها وفساد اجهزتها.

****

جميع ابطال هذه الحالات التي سبق ذكرها، يسرقون اموال الدولة «عينك بنت عينك»، وهم بذلك يشبهون اولئك «الشبيحة والقبضايات» المحميين من مسؤولين كبار وصغار، ومن احزاب ورجال دين، الذين سبق لهم واستولوا على املاك عامة وخاصة، ولا أمل في اخلائها بعد سنة او عشر سنوات او مئة سنة، والدولة في هذه الحالة اخذت مو قفاً تاريخياً يقوم على المثل القائل «لم رأينا، لم سمعنا».

اذا ثبت أن اسرائىل تتنصّت على اللبنانيين، جميع اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين، فالمسؤولية الاولى تقع على الجهة التي قصّرت عمداً، بتلبية حاجة اللبنانيين الى «الانترنت»، عندما توزّع «بالقطّارة» الالياف الضوئية، والتي لا تذهب الا للمحظييّن و«الدفيعة»، ما دفع بهؤلاء الى قبول «الانترنت» القبرصي وغير القبرصي، وليت الوزير بطرس حرب الذي اثار الموضوع منذ حوالى السنة، وله الفضل في كشفه مؤخراً، حوّل الموضوع الى القضاء مباشرة، بدلاً من تحويله الى التفتيش المركزي، الاّ اذا كان يشك في أن هناك خللاً في «اوجيرو»، لأن مهمة التفتيش المركزي لا تتجاوز الادارات العامة وموظفيها، في ايام عزّه، فكيف وهو معطّل كما الدولة ومؤسساتها، وهو شريك مديرية امن الدولة في التعطيل والتعاسة.

المثل اللبناني الذي يقول «المال السائب يعلّم الناس الحرام»، يتطابق ايضاً مع القول «الدولة المقصّرة تعلّم الناس الحرام»، واذا كانت دولتنا العليّة، لسبب ما، قررت ان تشرب «حليب السباع» في موضوع الانترنيت، ليتها تشرب «وتكتّر» علّها تعيد الى المواطنين حقوقهم في الماء والكهرباء والنظافة، وفي آلاف العقارات المحتلة من افراد وجماعات واحزاب.