بعد التزامه اخلاقياً بدعم وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، فان «حزب الله» يتعامل مع النائب سليمان فرنجية في مشاركته بالحكومة، بالمعيار نفسه، وزاد عليه تفويضه للرئيس نبيه بري ان يخوض مفاوضات التشكيل مع الرئيس سعد الحريري، وما يقرره يسير به، حيث اعلن رئيس مجلس النواب، انه لن يكون في حكومة ليس فيها رئيس «تيار المردة» او من يمثله بحقيبة وازنة من ثلاث حقائب حددها، فرنجية وهي: الطاقة، الاشغال والاتصالات، ومن دون واحدة منهم، فانه لن يشارك في الحكومة، حيث اعلن بري انه سيتضامن معه.
وكان الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله، ذكّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد انتخابه بان لا يتخلى عن حلفائه الذين وقفوا الى جانبه في كل مراحل تشكيل الحكومات ليحصل على ما يريد وتحديداً توزير جبران باسيل واختيار الحقيبة التي كان يطلبها، حيث كان يتم تأخير ولادة الحكومة اذا لم يكن «التيار الوطني الحرّ» فيها بحقائب وزارية وازنة.
ويكشف مصدر حزبي في 8 آذار وحليف للمقاومة، بأن «الثنائي الشيعي» ومعها حلفاء آخرون ملتزمون مع فرنجية، حتى لو طال وقت تشكيل الحكومة، وهو ما لا يتمنونه، لكن مراهنة بعض من في «التيار الحر»، على ان «حزب الله» وتحت عنوان انطلاقة العهد وعدم تعطيل مسيرته، سيتدخل لدى بري وفرنجية للقبول بوزارة من خارج الحقائب الثلاث، فهذا لن يحصل ولن يُقدم عليها، وهو لم يفعلها بالطلب من فرنجية الانسحاب من الترشيح لرئاسة الجمهورية، ومن بري انتخاب عون، فلن يدخل في مسألة تقنية، وان الكرة هي في مرمى الرئيس المكلف سعد الحريري، كما عند الرئيس عون الذي يمكن لأي منهما ان يقدما تنازلات من حصتهما لصالح فرنجية، اذ يطلب «التيار الوطني الحر» وزارة الطاقة، و«تيار المستقبل» وزارة الاتصالات، والاشغال لحركة «امل»، حيث لم يمانع بري ان تكون لفرنجية، عون والحريري جيّراها للقوات، مما اضطر الرئيس بري الى ان يستردها ويصر عليها من حصته.
وما يجري حتى الآن، هو ان «التيار الوطني الحرّ» الملتزم مع «القوات اللبنانية» باتفاق «اعلان النوايا»، الذي اختبراه في رئاسة الجمهورية، ويكملان تطبيقه في تشكيل الحكومة، بان يكون للقوات حصة اساسية فرفعت عدد الحقائب الى ست، ثم تراجعت الى خمس، وتوقفت عن المطالبة… بحقيبة سيادية، وهو ما يراه المصدر، تقديم هذا الاعلان، على التفاهم مع «حزب الله»، حيث يخطئ «التيار الوطني الحر» بذلك، دون ان يعني انه لا يترك له هامش او حرية التحالف والحركة السياسية، انما ثمة ثوابت لا يمكن التراجع عنها، اذ ان فرنجية هو حليف سياسي للتيار، واذا فرّقت انتخابات رئاسة الجمهورية بينهما، لكن هذا لا يعني انهما ليسا من الخط السياسي نفسه والذي يجمعهما مع المقاومة والتحالف مع سوريا، فمن هو اقرب الى عون، فرنجية ام سمير جعجع الذي يعتبر انه من صنع رئيس الجمهورية وليس «حزب الله» الذي لم يكن يريد عون، ولا انتخابات رئاسة الجمهورية، لكنه خضع بعد دعم «القوات اللبنانية» له، وتأييد الرئيس سعد الحريري لترشيحه، مما افقد «حزب الله» ورقة رئاسة الجمهورية التي كان يرهنها لمشاريعه الداخلية ومصالح حلفائه الاقليميين، وهذا ما بدأ يزعج «حزب الله» الذي يخــشى ان يمارس جعجع وصاية على العهد وهيمنة على قراراته يقول المصدر الذي يرى ان الرئيس عون امام موقف تاريخي هو ان يمارس «الابوة مع فرنجية» الذي لم يتردد ان يقول عنه انه بمثابة الاب، وكيف وهو الذي رفع شعار «بي الكل» بعد انتخابه رئيساً، وعليه ان يبادر باتجـاه رئيس «تيار المردة» ويعطيه الحقيبة التي يطلبها، ويضع انتخابات رئاسة الجمهورية، فيكون بذلك كسب فرنجية، واراح «حزب الله» والرئيس بري، وسلكت الحكومة طريقها وانطلق العهد قوياً ووفاقياً.