Site icon IMLebanon

هل يبدأ ربيع سوريا من موسكو؟

على الرغم من أنّ الجولة الأولى من مشاورات موسكو بين بعض أطراف المعارضة السورية وممثلي الحكومة لم تأتِ بالنتائج التي كانت تعوّل عليها روسيا، إلّا أنّ الاستعدادات للجولة الثانية قد تبدأ في نيسان المقبل.

أعلنَ المتحدّث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أنّ المشاورات بين أطراف النزاع في سوريا التي انطلقت في كانون الثاني الماضي ستُستَكمَل في نيسان المقبل بمشاركة جزء أوسع من المعارضة السورية لم يكن متوقّعاً، في اعتبار أنّ منسّق جولة المشاورات الأولى فيتالي نعومكين كان قد عبّر عن خيبة أملِه من نتائجها وأوضحَ حينها أنّه لا يتوقع إجراء جولة ثانية في حال بقيَت الظروف السياسية والميدانية على حالها.

ما هي المستجدّات التي دفعَت موسكو إلى المغامرة مجدّداً في جولةٍ قد تنتهي بالفشل؟

أوساط سياسية روسية متابعة للملفّ السوري تؤكّد أنّ المبعوث الدولي ستيفان دو ميستورا قد شَدّد خلال لقائه الأخير مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة استمرار الجهود الديبلوماسية الروسية على خطّ الأزمة السوريّة، وذلك بعد أن قيَّمَ عالياً نتائجَ اللقاء التشاوري الأوّل، وهذا ما دفعَ موسكو التي لم ولا توفّر جهداً في سبيل إيجاد حلّ سِلمي للأزمة السورية إلى إعادة الاتصالات بالمعنيين داخلياً وخارجياً بهدف تذليل العقبات أمام إنجاح لقاء موسكو المقبل.

وتؤكّد هذه الأوساط أنّ هناك مؤشّرات إيجابية لاحت من عواصم عدّة لدعم الجهود الروسية، ولذلك فإنّ موسكو ستحاول توفيرَ كلّ ما يلزم بهدف خَلق أجواء ملائمة لحوار منتِج.

وتأمل الأوساط أن يتمكّن المبعوث الأممي وبعض الأطراف الإقليمية والعربية الفاعلة في المشهد السوري من إقناع ممثّلي الائتلاف المعارض بجدوى حضور لقاءات موسكو، لأنّها تمهّد الطريق أمام المفاوضات المباشرة بين الأطراف كافّةً. وبناءً على الاتصالات التي يجريها الديبلوماسيون الروس لا تَستبعد هذه الأوساط حضورَ بعض مكوّنات الائتلاف السوري المعارض في الجولة المقبلة.

بالطبع فإنّ هناك عدداً من العقبات لا تزال أمام جولة مشاورات موسكو، ما يدفع إلى التساؤل عن الأسباب التي دفعَت دوميستورا إلى حضّ روسيا على إجراء جولة ثانية من المشاورات، عِلماً أنّ المبعوث الأممي يدرك جيّداً أنّ «مبادئ موسكو» العشر لا تشكّل أرضيّة خصبة لحوار جدّي بين أطراف النزاع؟

ولكن على ما يبدو فإنّ اصطدام خطّته الأخيرة لوَقف القتال في حلب بحائط مسدود أشعَرَته بأنّ مهمّته لم تعُد تَحظى بالاهتمام الدولي والإقليمي اللازم، لذلك فمِن الضروري إعادة الأزمة السوريّة إلى طاولة المفاوضات لكي يتمكّن الرجل من تنفيذ بعض خطته المحَلية، أقَلّه لكي يترك في سِجلّ الأزمة السورية أثراً. ولعلّ هذا ما دفعَه إلى اعتماد الغزل في تصريحاته الأخيرة تجاه روسيا واعتباره أنّ جولة مشاورات موسكو الأولى كانت مفيدة جداً.

إذاً قد تكون خطوة دي ميستورا هذه محاولةً أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المساعي الدولية تجاه أزمة سوريا وإعادتها إلى واجهة الأحداث الدولية بعد أن تمكّن المجتمع الدولي من التوصّل إلى اتّفاق مبدئي في شأن أزمة أوكرانيا. لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ واشنطن ومَن يدور في فلك سياساتها أوروبّياً وعربياً وإقليمياً لن يسمحوا بأن يبدأ ربيع سوريا من موسكو، لذلك فإنّ مشاركة بعض أطراف المعارضة في جولة موسكو الثانية ستشكّل عائقاً أمام تحقيق أيّ تقدّم في مسار الحلّ السياسي،

خصوصاً وأنّ أوساط الائتلاف السوري المعارض لا تزال تؤكّد عدمَ رغبته المشاركة في أيّ مفاوضات برعاية روسيّة، انطلاقاً من اعتباره أنّ موسكو هي طرف في الأزمة من جرّاء مساندتها ورعايتها لنظام الرئيس بشّار الأسد، وبالتالي فإنّ مِن غير الممكن أن تلعبَ دورَ الوسيط. وتعتبر المصادر أنّ أيّ توافقات خارج إطار بيان جنيف ستنسف كلّ ما سبَقها من إجماع دولي حول سُبل وطرُق حلّ الأزمة سياسياً.