Site icon IMLebanon

(هل ننتظر أم نتحرك لحماية أنفسنا؟)

أضعف الإيمان 

بعد مضي ثلاثة أيام على الجريمة الإرهابية التي ضربت باريس، أعلن الرئيس فرنسوا هولاند في خطاب أمام البرلمان، خطة فرنسا لمواجهة الإرهاب. طالب بتطوير الدستور ليسمح بالتحرك، والقدرة على طرد الأجانب الذين يشكلون تهديداً بالغ الخطورة لأمن فرنسا، في شكل أسرع. وبين مطالبه: سنّ قوانين تسمح بنزع الجنسية من حاملي الجنسية المزدوجة، ممن ولدوا في فرنسا، إن ثبت تورطهم بعمل إرهابي. فرض قيود على حركة التنقل، وإجراء تفتيش إداري داخل المدن. مطالبة البرلمان بإقرار قانون يمدد حال الطوارئ 3 أشهر، على أن يطبّق على كل الأراضي الفرنسية. مراقبة حدود دول الاتحاد الأوروبي، وإذا لم تراقب أوروبا حدودها ستعود فرنسا إلى حدودها القومية. إتاحة 8500 وظيفة جديدة في مجالَي الأمن والقضاء. استحداث 5 آلاف وظيفة لشرطيين وعناصر درك خلال عامين. تخصيص 2500 وظيفة إضافية لوزارة العدل، من أجل إدارة السجون والأجهزة القضائية. تعزيز إدارة الجمارك بألف وظيفة. محاربة الإرهاب في العراق وسورية وكل مكان، من دون تراجع ولا هدنة. الطلب من الأوروبيين تطبيق معاهدة الدفاع المشترك. طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لتبنّي قرار حول الإرهاب، والتنسيق مع واشنطن وموسكو لتوحيد القوة. فرنسا تخوض حرباً، وهي تغيّرت، وربما تلحق بها دول أخرى، أوروبية. الإجراءات الفرنسية فاقت ما فعلته أميركا بعد أحداث أيلول (سبتمبر). نحن على أبواب مرحلة جديدة، ستعاود تشكيل العلاقات بين أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط.

بعد هجوم تنظيم «القاعدة» على مركز التجارة العالمي والبنتاغون عام 2001، لم يكن الإرهاب وصل إلى الدول الأوروبية، لذلك لم تتحمّس هذه الدول للإجراءات الأميركية، على النحو الذي كان متوقعاً. صحيح أن الاحتياطات الأمنية في المطارات تغيّرت، ولكن لم يجر الحديث عن سنّ قوانين تتعلق بسحب الجنسية، وطرد الأجانب، وفرض قيود على حركة التنقل، وإجراء تفتيش داخل المدن. هذا يعني أن فرنسا، ودولاً أخرى أوروبية، ربما ترحّل عرباً ومسلمين يتعاطفون أو يصمتون عن إدانة الجماعات الجهادية. وسيخلق هذا الإجراء حرجاً، ومشكلة محلية لبعض الدول العربية. ولكن هل ستكتفي فرنسا، وغيرها من الدول الأوروبية، بترحيل هؤلاء من أراضيها، أم ستطالب دولاً عربية وإسلامية بملاحقة بعض مواطنيها، ومؤسساتها؟ من الصعب التكهّن بتداعيات أحداث باريس، لكن الأرجح أن دولنا ستشهد تحديات صعبة، وتدخُّلات في مناهج تعليمها، وخطابها الديني والإعلامي، وعلى نحو أشد مما حدث بعد تفجيرات الحادي عشر من أيلول.

هل ننتظر، ونرى ما لا يسرنا؟ أم نتحرك كشعوب وحكومات، ونفتح حواراً رشيداً، ونعاود النظر في رؤيتنا وأساليب تعاملنا مع قضية الإرهاب، ونسن قوانين تجرّم الطائفية والمذهبية، ونلجم أساليب التحريض والشماتة، وتمجيد التطرّف والعنف، والبطولات المتوحشة والوهمية، ونحمي دولنا من التعدي على مواطنيها، والمس بسيادتها؟