IMLebanon

شقير يورّط كريدية: القضاء متهم

 

قالها وزير الاتصالات بملء فمه: لن أعطي القضاء الإذن بملاحقة رئيس هيئة أوجيرو عماد كريدية. لم يكتفِ بذلك، بل وضع نفسه، في مقابلته مع الزميلة وردة الزامل عبر إذاعة الشرق، مكان القضاء وخلص إلى أن التهمة الوحيدة لكريدية هي نجاحه في تطوير المؤسسة وتحسينها. خلال شهرين اكتشف ذلك، ودليله أنه زار أوجيرو بعد تعيينه ورأى بعينيه مستوى التطور!

لكن عندما استغرب النواب المشاركون في جلسة لجنة المال، التي انعقدت أمس، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، كيف يعرقل شقير عمل القضاء رافضاً إعطاء الإذن، مجرد الإذن بالتحقيق أو الاستماع إلى كريدية، فيما كل المؤسسات والوزارات تعيش على وقع «التوافق على مكافحة الفساد»، اكتفى بالقول إن الرفض جاء لأسباب شكلية، لا تتعلق بمضمون الطلب. وفي التفاصيل، أوضح أن طلب المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم كان عبارة عن ورقة لم توضع حتى في مغلّف، أضف إلى أنه عرف بها عبر «تويتر». وهو ما اعتبره مرفوضاً، لأنه كان ينبغي أن يصله ملف مغلق ومختوم، كما يحصل في العادة عندما يصله طلب من الأمن العام على سبيل المثال.

ما قاله شقير في اللجنة لم يقله في الإعلام. عبر تلفزيون «الجديد»، لم يتحدث عن اعتراض بالشكل. صعّد من لهجته، معرّضاً «أوجيرو»، كما وزارة الاتصالات للشبهات، كما اعتبر نواب في الجلسة. قال إن الحل لن يكون إلا بالسياسة. وفي مقابلته، عبر إذاعة الشرق، موافقاً على أن استدعاء كريدية يشكل جزءاً من قرار يستهدف المسؤولين السنّة، وعلى اعتبار أن المستهدف الفعلي هو الرئيس سعد الحريري، ومتناسياً أن الحريري نفسه سبق أن وعد بأن أعلن أن «لا ريشة فوق رأس أحد».

باختصار، كان يمكن أن يكون قرار شقير مقبولاً، لو مارس صلاحياته بالطلب من الادعاء العام المالي أن يعطيه تفاصيل إضافية عن الملف الذي استدعي كريدية إلى التحقيق بموجبه، لكنه لم يفعل. علماً أن إعطاء الإذن بالملاحقة لا يعني أبداً أن المطلوب مساءلته كمتورط أو حتى متهم. هو ببساطة يعطي الإذن للقضاء، الجهة الوحيدة المعنية بالتحقيق، الإذن للقيام بعملها. هذا ما فعله وزير التربية أكرم شهيب عندما أعطى الإذن بملاحقة المدير العام للتعليم العالي أحمد الجمّال. وهذا، للمناسبة، ما فعله وزير الاتصالات السابق بطرس حرب، في أيار 2016، عندما طلب المدعي العام المالي نفسه الإذن بملاحقة رئيس «أوجيرو» آنذاك عبد المنعم يوسف وآخرين، على خلفية «إهمال وظيفي أدى إلى هدر المال العام».

يومها، لم يوافق حرب مباشرة على الطلب، لأنه لم يتضمن صورة عن التحقيقات أو تقريراً عنها، فطلب هذه المستندات قبل أن يبت بالطلب، لكنه أكد في كتابه أنه سيتعامل بإيجابية مع أي طلب بالملاحقة لأي موظف مهما علا شأنه.

بعد ذلك، وعندما أرسل له إبراهيم نسخة عن التحقيقات، فنّد حرب الاتهامات، ثم خلص إلى أنه «مع عدم اقتناعي بجدية وصحة ما ينسب إلى المطلوب الإذن بملاحقتهم، فإنني أعطي الإذن بملاحقتهم، كما أعلن تجديد ثقتي بأن القضاء هو المرجع الوحيد للبت في صحة أو عدم صحة الأفعال المنسوبة إليهم…».

 

الصمد يتّهم أوجيرو: مليارات صُرفت خلافاً للقانون

 

اختصر شقير الطريق، مفضّلاً أن يكون هو المرجع الصالح للبت بصحة التهم المنسوبة إلى كريدية. كذلك لم يتردد في تحويل القضاء إلى متهم. اتهمه بالسعي إلى محاكمة الناجحين في عملهم، «الأدمغة» تحديداً. غرق في ترداد العبارات نفسها، مع شيء من الشجن. عماد كريدية يبني مؤسسة. عماد كريدية يبني مؤسسة. هل ممنوع على عماد كريدية أن يبني مؤسسة؟ هل ممنوع على لبنان أن يكون عنده مؤسسة فيها مدير عام جاء إلى لبنان وخلال سنتين انظروا ماذا فعل.

كاد شقير لفرط حماسته أن يقول إن أوجيرو لم تكن موجودة قبل عماد كريدية، الذي «ترك وظيفة بـ50 ألف دولار في الخارج فقط لأنه آمن بلبنان»، مشيراً إلى أن كريدية يتقاضى 21 مليون ليرة.

 

أوجيرو تصرف على الوزارة!

هذا الملف لم يكن وحيداً في الجلسة، التي انطلقت من ملف التوظيف لتدخل في مساءلة أوجيرو في ملفات عديدة. وكما في الجلسة الماضية، كان النائب جهاد الصمد نجم جلسة أمس. معطياته وملفاته تركّزت على مصاريف أوجيرو، فطلب كنعان من كريدية أن تُرسل الردود الخطية عليه إلى اللجنة. والمصاريف التي تحدث عنها الصمد، فهي:

– 95 مليون ليرة بدل استئجار مركز بيع للخطوط الثابتة في منطقة «سوليدير»، علماً أنه لا يبعد أكثر من مئة متر عن المبنى المركزي الأساسي لوزارة الاتصالات في رياض الصلح حيث يوجد في الطبقة الأرضية مركز تجاري كبير لبيع الخطوط الثابتة.

– 1291 مليون ليرة بدل رواتب وتعويضات ومكافآت لمستشاري رئيس الهيئة.

– 620 مليون ليرة بدل رعاية ومساهمات لنشاطات للنوادي والاحتفالات والمباريات الرياضية والمهرجانات السنوية والمعارض التجارية والأمسيات الفنية والموسيقية والاشتراكات في بعض الصحف والمجلات الفنية.

– 375 مليون ليرة مساهمة في موازنة النادي الرياضي في مدينة بيروت.

– 220 مليون ليرة أكلاف التعاقد مع شركة تتابع مواقع التواصل الاجتماعي التي تذكر رئيس الهيئة.

– 620 مليون ليرة كلفة مشاركة الهيئة في معرض للاتصالات ولخدمات الهاتف الجوال في مدينة برشلونة في شهر شباط 2018، علماً أن هيئة «أوجيرو» ليس لها أي منفعة من المشاركة في هذا المعرض، إذ إنها لا تقدم خدمات الهاتف الجوال في لبنان.

– 130 مليون ليرة بدل مصاريف سفر وثمن تذاكر وحجوزات لكل من المدير العام للإنشاء والتجهيز والمدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات لم تراعِ المسار الإداري، بل دفعت من خلال هيئة «أوجيرو»، الأمر الذي يعتبر مخالفة مالية وإدارية جسيمة تستدعي التحقيق والملاحقة، وهذا إخبار برسم النيابة العامة المالية، والسؤال: لماذا الإنفاق من موازنة هيئة «أوجيرو» ومن مالها على مهمات سفر لمديرين عامين عاملين في الملاك الرسمي لوزارة الاتصالات؟

– مليون دولار ثمن معدات وقطع غيار إلكترونية وكهربائية لأجهزة الهاتف للعموم، وهي خارج الخدمة ولا تعود بأي مردود على وزارة الاتصالات.

– مليار و385 مليون ليرة بدل سفر خارج البلاد وثمن تذاكر للسفر.

هذه أرقام، إذا صحّت، تشكّل مادة إدانة للوزارة كما لأوجيرو، لكنها تعطي إشارة إلى أن الهدر أحد أهم أسباب تراجع إيرادات الاتصالات التي قدّرتها وزارة المالية بـ39 في المئة، والتي طلب النائب حسن فضل الله تبريراً رسمياً لأسباب تراجعها.

أما بالنسبة إلى شقير، فالأهم من مضمون كلام الصمد هو مصدره. قال له إن «صديقي» عبد المنعم يوسف يزودك بالمعلومات، وهي غير صحيحة. لكن الأخير لم ينزعج. اكتفى بالإشارة إلى أن «يوسف قريبي وابن قريتي، لكننا نختلف في السياسة، وهو ليس مصدري، وهذه ليست القضية، الأهم هي المعلومة هل هي صحيحة أم لا؟».