قد لا تكون ثمة نتائج مباشرة لزيارة وزير الخارجية المصرية الى بيروت، لكنها أفسحت في المجال البعيد، لدور مصري افتقده اللبنانيون طويلاً.
السفير محمد بدرالدين زايد، الذي رافق الوزير في لقاءاته الكثيفة والمتعددة، استخلص من هذه الزيارة نتيجتين: اجماع الفرقاء اللبنانيين على ضرورة ايجاد حلّ للفراغ الرئاسي. والتقائهم على الحاجة الى الدور المصري الفعّال.
وأضافت الأوساط النيابية الى هاتين النتيجتين، نقطتين أوقعتا رئيس الدبلوماسية المصرية في الحيرة، فالفريق الداعم لترشيح العماد ميشال عون، أشاع جواً من التفاؤل أساسه الاعتقاد بأن الرئيس سعد الحريري بات شبه مقتنع بالعماد عون لكن تقلقه المزايدات من حوله، والمطلوب من الوسيط المصري التواصل مع القوى الاقليمية المؤثرة لدعم الحريري في قناعاته.
وتأكيدا لهذا التقدير، قال عضو كتلة التغيير والاصلاح الوزير الياس بوصعب لبرنامج بموضوعية من الأم. تي. في. ان الرئيس سعد الحريري هو من طرح فكرة اتفاق التيار الحر والقوات اللبنانية ونحن معكم.
وأضاف: الرئيس الحريري كان صادقاً في كلامه لكن الظروف حكمت…
بالمقابل فان الفريق المعارض لخيار عون الرئاسي نصح بأن تنسق القاهرة مع العواصم الكبرى وخصوصا واشنطن وموسكو وباريس والفاتيكان، للضغط على طهران، كي تقنع حزب الله بالابتعاد عن ميشال عون.
بل أكثر من ذلك، هناك معلومات مؤكدة، بأن الرئيس فؤاد السنيورة أبلغ الوزير شكري وبحضور كتلة المستقبل، رفضه التام لانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، معتبرا بوصوله للرئاسة خراباً للبلد….
أوساط التيار الوطني الحر، ردّت بعبارات حادة، على من وصفته بصاحب المعادلة الخشبية، لكنها لم تتوسع في الهجوم تجنباً لاضاعة الفرصة، إلاّ أنها لاحظت وكأن الزائر المصري، أصيب بدوار السياسة اللبنانية…
وشاع ان الوزير شكري حاول تسويق مرشح وسطي للرئاسة تداول البعض اسمه، والبعض الآخر باسم بذات المواصفات الوسطية، مع فعالية اضافية، لكن الوزير بوصعب سارع الى نفي ذلك، مؤكداً ان مصر هي البلد الوحيد الذي حافظ على علاقة متوازنة مع جميع الأطراف.
الراهن ان ثمة طرفين لبنانيين غابا عن جولة الوزير شكري، وهما رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي وليد جنبلاط وحزب الله.
مصادر جنبلاط تؤكد ان أي تواصل لم يحصل معه، لا قبل الزيارة ولا أثناءها، ولم يدع، حتى الى عشاء الوزير على شرف القيادات اللبنانية، في منزل سفير مصر في دوحة الحص رداً على اشراكه الناقد المصري باسم يوسف في مهرجانات بيت الدين، إنما جرت دعوة الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، الى ذلك العشاء ثم الى المأدبة التكريمية التي أقامها الوزير جبران باسيل للوزير الضيف، لكنهما اعتذرا في الحالين.
المصادر اعتبرت، ان مسألة باسم يوسف، لا تستحق مثل هذه المقاطعة، ولفتت الى ان أي زائر سياسي للبنان، لا يضع جنبلاط على رأس قائمة لقاءاته، يغدو كمن يذهب الى النبع ويعود عطشاناً.
أما بالنسبة الى حزب الله، فقد قرع شكري الباب عندما أبدى الاستعداد للقاء من يشاء لقاءه، لكنه لم يلق التجاوب، والأمر ليس بمستغرب بحكم الاختلاف الجذري في التموضع بين الطرفين، خصوصا بعد تأكيدات الوزير المصري على هوية لبنان العربية وعلى الاطار العربي لحركته التسووية.
الأوساط الديبلوماسية المتابعة، توقعت استمرار الحراك المصري علي المستويين اللبناني الداخلي والعربي الاقليمي لاستكمال ما بدئ، وفي رأيها ان الوزير شكري عمل بقول الشاعر: اذا لم تستطع شيئاً فدعه… وجاوزه الى ما تستطيع…
وبالتالي فهو نجح في جمع كلمة القيادات التي التقاها على حتمية ايجاد حلّ لأزمة الرئاسة، كما على الحاجة الى الدور المصري، وتجاوز ما لم يستطع معالجته، كالأزمة الصامتة مع وليد جنبلاط، بانتظار جولة اتصالات أخرى… فالقوة تأتي من توحيد الناس لا من تفريقهم.