استعاد العونيون ما اعتبروه، حتى قبل فتح صناديق الاقتراع البلدية في جزين، حقا مكتسبا لهم في رئاسة البلدية وفي رئاسة الاتحاد.
فبعد نحو ثلاثة اسابيع من تقديم رئيس البلدية السابق خليل حرفوش الطعن في نتائج الانتخابات التي خسر فيها بفارق صوتين، عمّم العونيون قرار مجلس شورى الدولة بقبول الطعن، حتى قبل صدوره رسميا، ما يعني عمليا التحاق حرفوش مجددا باللائحة الفائزة واستعادته عضويته الضائعة الى جانب خاسرين آخرين، فيما يتوقّع ان يحدّد محافظ الجنوب منصور ضو جلسة قريبة بعد نشر القرار في الجريدة الرسمية يتمّ خلالها انتخاب حرفوش رئيسا للبلدية، على ان يصار لاحقا الى تحديد جلسة يتمّ فيها انتخاب الاخير رئيسا للاتحاد وفق الاتفاق العوني ـ القواتي المسبق.
وبعد الاعلان عن صدور القرار من جانب «التيار»، ظلّ التشكيك قائما من جانب اللائحة المنافسة بصدوره بشكل رسمي وقانوني، معتبرين ان قرار الشورى يمرّ بمراحل عدّة تبدأ بتقرير المستشار ثم مفوض الحكومة ثم هيئة الشورى قبل إصداره بصيغته النهائية والملزمة، وبالتالي فإن العونيين، وفق أوساط اللائحة، يحاولون الضغط على مجلس الشورى والتدخل سياسيا على أعلى المستويات من أجل قبول الطعن.
لكن ما حصل عمليا ان العونيين تمكنوا من الاطلاع على قرار الشورى قبل صدوره ونشره وهو لمصلحة حرفوش، لكن اللغط بقي قائما بشأن من خرج ومن دخل مجددا الى اللائحة الفائزة الى جانب حرفوش الذي أكّد أنه بنتيجة الطعن حلّ في المرتبة الخامسة.
ما حصل مع المرشح العوني خليل حرفوش لم يحصل في أي بلدية أخرى حيث خسر رئيس اللائحة الفائزة. وقد شكّلت هذه النكسة ارتباكا عونيا واضحا كون «الصفعة» أتت من جانب عائلة الحلو المصنّفة «عونية» والتي ساهم العديد من وجوهها في تأسيس الحالة العونية في جزين يوم كان ميشال عون في المنفى. لكن الخلاف مع آل الحلو الذي بدأ بعيد الانتخابات النيابية السابقة عام 2013 وأخذ مداه الاقصى اثناء المفاوضات على رئاسة البلدية في الانتخابات الحالية، أدى الى ما يشبه عملية انتقام من جانب عائلة الحلو بدعم من قوى جزينية أخرى تكرّست ليس فقط بخرق اللائحة بثلاثة أعضاء، بل بتقديم ابراهيم عازار اعتراضاً أدى بعد إعلان فوز حرفوش، الى استبعاده في آخر لحظة فخرج وحلّ محله المرشح جان كلود كرم.
الحسابات العائلية والشخصانية هي التي قادت واقع الامر الى تطعيم الانتصار البرتقالي النظيف في قضاء جزين بانتخاب أمل ابو زيد نائبا، بمرارة الخسارة غير المفهومة وغير المبرّرة في بلدية جزين، مع العلم ان جزين شهدت لاول مرّة تحالفا قواتيا عونيا انسحب التزاما في البلدية كما في النيابة.
لكن قرار «الشورى» أعاد رسم معالم الفوز «الشامل»، خصوصا ان الاستثمار السياسي لنكسة 22 أيار بدأ فور إعلان النتائج بمعايرة «التيار البرتقالي» بخسارة لها رمزيتها وتأثيراتها على الساحة المسيحية.
فجبران باسيل الذي غاب عن الساحة الكسروانية، طل شخصياّ من جزين ليبارك مسبقا وقبل إعلان النتائج، بفوز أمل أبو زيد بالنيابة وخليل حرفوش بالبلدية، إضافة الى ان جزين تعتبر معقلا عونيا بامتياز وسقوط حرفوش تحديدا كان سيعني سقوطا مباشرا لخيار «الجنرال» في بلدية جزين حتى مع فوز اللائحة المدعومة منه.
وقد أتت الجلسة التي دعا اليها محافظ الجنوب منصور ضو يوم الاربعاء لانتخاب رئيس ونائب رئيس لبلدية جزين استباقا لنتائج الطعن، لكن الردّ كان جاهزا بمقاطعة 13 عضوا من المجلس البلدي البالغ عدده 18 عضوا للجلسة، فيما انحصر الحضور بخمسة أعضاء، أربعة منهم من اللائحة التي اخترقت لائحة «كلنا جزين».
يذكر ان الفارق في الاصوات بين سامر عون (2458) الفائز الاول على اللائحة ومرشح القوات» لنيابة الرئاسة لمدة ثلاث سنوات وخليل حرفوش (2160) بلغ 298 صوتا. فيما سجّل مخترقو اللائحة الاربعة الارقام الاتية: زياد عون (2268) مرغريت حليم خالد (2248) جورج العرية (2187) جان كلود كرم (2162).
والمرشّحون الاربعة، على لائحة ابراهيم عازار و «الكتائب» و «الحزب القومي»، الذين حجزوا أماكن لهم على اللائحة المدعومة علنا من الرابية ومعراب، لم يتمكّنوا عمليا من أخذ القرار البلدي من يدّ «العونيين» الذين احتفظوا بالاكثرية داخل المجلس البلدي. لكن العِبرة كانت في ردّ الاعتبار من جانب «التيار» لإعادة تثبيت «الريّس» حرفوش في مكانه، خصوصا أنه طوال الفترة الماضية كان الاخير والمقرّبون منه يجزمون ان الطعن سيقبل بسبب وضوح المخالفة التي تجلّت في استخدام لوائح «لمّاعة» لا يجوز استخدامها في عملية الاقتراع.