بعد تطبيق الإجراءات اللبنانية التي ترمي إلى الحدّ من تدفّق النازحين السوريين إلى لبنان، في ظلّ تجاوز أعدادهم الخطر الحقيقي على الكيان، يبقى الآن على السلطات اللبنانية مراقبة الموجودين وتعرُّف واقعهم.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أنّه بناء على تبادل المذكّرات بين لبنان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والتي أصبحت نافذة، بات سهلا على لبنان أن يقوم بتوضيح الأعداد وكافة التفاصيل المرتبطة بهؤلاء.
المفوضية تمتلك المعلومات حول السوريين، وهذا يساعد جداً، إنّما العملية ستأخذ وقتاً، لكنها في النهاية ستكشف زيف مَن ادّعى أنّه لاجئ، لأنّ في مقدمة أهداف العمل، معرفة مَن هو لاجئ ومَن هو غير ذلك. ومَن ستتثبت الدولة من أنّه ليس لاجئاً حقيقياً سيتم نزع بطاقة اللجوء منه، وما يؤثر أيضاً هو أنّ ثمّة شحّاً في التمويل الدولي للأعباء الإنسانية، وهذا التمويل يجب أن يُعطى لمَن يحتاج اليه فعلياً، ولو كان كل اللاجئين يتمنّون الحصول عليه.
والتمييز بين اللاجئ الحقيقي وغير الحقيقي سيتأكد في ظلّ هذا التنسيق، وإطلاع لبنان على ملفات اللاجئين المسجّلين، في اطار ما أقرّته الحكومة من ورقة لمنع النزوح بدأ تنفيذها على الحدود والمعابر.
لبنان يريد أن يتفق مع المنظمة الدولية على المبدأ، وهو أن ليس كل مَن دخل لبنان هو لاجئا. لذلك سيستحصل منها على داتا المعلومات وستتسلم وزارتا الشؤون الاجتماعية والداخلية هذه المعطيات، حيث يتم التأكد من كل ملف. وهذا الأداء يقع في صلب سيادة الدولة على أراضيها وسلطتها داخل البلد.
لذا، الدولة اللبنانية ستتعرّف بموجب تبادل المذكرات إلى تفاصيل حول اللاجئ، مثل أين يسكن وعدد أفراد عائلته وكيف يعيش، وما هي منطقة نزوحه السورية. إنّه إحصاء كامل سيتم بالتفاهم أيضاً مع السلطات الدولية المهتمة والمجتمعات الحاضنة والوزارات المعنية، وفي الدرجة الأولى مع السوريين أنفسهم الذين يجب أن يتفهّموا إجراءات الحكومة. إذ ليس كل سوري هو نازحا، بل هناك مَن يأتي كسائح، وللطبابة، وللترانزيت، الدولة مضطرة الى أن تعرف مَن هناك على أراضيها، وصفاتهم، وماذا توفّر لهم المنظمة الدولية، عملاً بما أقرّته الحكومة بشأن النزوح.
قبل تطبيق الإجراءات الأخيرة، كان النزوح يقدّر بوتيرة شخص كل دقيقة، أي 60 شخصاً في الساعة. الآن باتت الوتيرة صفرا في الدقيقة، أي لا نزوح. ولبنان اتخذ الإجراءات لمعالجة هذا الواقع، ويقول وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إنّ ثلاثة مقتضيات أوجبت الإجراءات: أوّلها لم يعد هناك قدرة على استيعاب مزيد من مستزيد، إذ إنّه عندما يصبح عدد غير المواطنين ما نسبته 50 في المئة من عدد المواطنين فهذا يعني أنّه جرس إنذار. ثانيها، أنّه تمّ استهلاك البنى التحتية التي أُنجزت لتستوعب الزيادة السكانية بحجم مليون ونصف المليون نسمة، استهلكت حالياً من جراء الوجود السوري في لبنان بهذه النسبة. ثالثها، أنّ لبنان ذو اقتصاد ضعيف واللجوء السوري إليه خسَّره 20 مليار دولار وفقاً لتقدير البنك الدولي، ما أدّى إلى اضطرار لبنان إلى أن يوقف التدفّق بعدما خسر سمعة السياحة، من أجل أن لا يغرق البلد بالسوريين.
اللجنة الوزارية المصغّرة، وكذلك مجلس الوزراء، لم يعارضا وقف اللجوء. إذ إنّ هناك إجماعاً حكومياً وسياسياً حوله، والتطبيق جاء من الأمن العام، الذي أجرى حسابات دقيقة ووضع تحديدات لدخول لبنان. وبطاقة المفوضية السامية حمت إلى حد كبير مَن حازها من السوريين، لكن إذا ما خالف أحد شروط النزوح، فسيطلب لبنان من المفوضية شطبه عن لائحة المفوضية.
توازيا، يقوم لبنان عبر فِرَق ميدانية بمسح للوجود السوري وتأثيره في المجتمع، لتكون لديه «داتا» خاصة به يمكنه الاعتماد عليها في اطار السياسة الواجب اتباعها مع السوريين، بعد الفوضى التي عمّت هذه المسألة، وبعدما كانت ولا تزال المفوضية وحدها تقوم بكل الإحصاءات والحسابات حول النازحين.
ووزارة الشؤون الاجتماعية أعدّت مشروع الوثيقة السياسية بناء على موقف الحكومة واقترحت إنشاء المشروع المنبثق عنه، على أن يُصرف التمويل لذلك من احتياط الموازنة، وتقوم الوزارة بتجميع الداتا حول الوجود السوري، لإعادة الإمساك بهذا الملف، واتخاذ الخطوات اللازمة حياله.