Site icon IMLebanon

سلعاتا كادت تفجّر الحكومة

 

تعود العناوين نفسها إلى الواجهة في المعالجات الاقتصادية والمالية، التي تحتم المساعدة الخارجية سواء لمناسبة المفاوضات الجارية بين لبنان وبين صندوق النقد الدولي، أو في اللقاء الذي عقدته حكومة الرئيس حسان دياب مع الدول والهيئات المانحة في إطار مؤتمر “سيدر”. العناوين هي: الكهرباء، التعيينات المرتبطة بها وبقطاعي الاتصالات والطيران المدني والموانئ، الحوكمة الرشيدة وضمان استقلالية القضاء، خفض كلفة القطاع العام، وضع أولويات المشاريع التي يفترض البدء في تمويلها في إطار “سيدر”…

 

قد يتساءل البعض لماذا يستفسر المفاوضون والديبلوماسيون الغربيون من الجانب اللبناني عن مصير التشكيلات القضائية، والجواب بسيط. تحت عنوان الحوكمة الرشيدة التي يتوخى المانحون الدوليون الذين سيقرضون لبنان ويوظفون أموالاً في مشاريعه، أن تتسم بضمانات للتقاضي وللشفافية، من الطبيعي أن يتساءل المجتمع الدولي عن استقلالية القضاء سواء صراحة أم مداورة. فالمسؤولون اللبنانيون يخالون أن الدول الغربية والهيئات الدولية المالية لا تتابع تفاصيل تجميد التشكيلات القضائية منذ أكثر من 6 أسابيع، وأسباب هذا التجميد التي تتلخص برفض فريق سياسي يمثله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الإفراج عنه، بعدما كانت وزيرة العدل وعدت بأنها سترى النور بسلاسة من دون تدخلات سياسية، عادت فخضعت لها بطريقة مقنعة، وأخّرت إحالتها بذريعة صلاحياتها في إبداء الملاحظات عليها، ثم تجميدها عند الرئيس عون، لاعتراض فريقه على بعض المناقلات التي أقرها مجلس القضاء الأعلى.

 

تراقب البعثات الديبلوماسية في بيروت كل ما يقال عن فضائح الفساد المحالة على القضاء، وسط تبادل الاتهامات وأحاديث اللفلفة المحتملة لبعضها من جهة، وفي ظل الاتهامات بأن بعض الملفات يُفتح لاستهداف فئات معينة من جهة ثانية، بينما تملأ الإعلام معلومات عن تدخلات في التشكيلات. وبديهي أن يسأل سفراء غربيون في لقاءاتهم، عما سيضمن مصالح شركاتهم إذا استثمرت في البلد، خصوصاً أنها ستراقب أي فلس يجري استثماره، وأن تجد إثارتهم الأسئلة صدى لدى صندوق النقد أيضاً. أما الكهرباء، وعلى رغم تأخر الحكومة في وضع الملف على الطاولة وتكليفها وزير الطاقة ريمون غجر التفاوض مع الشركات العارضة لبناء معملين (بتصويت أكثرية مجلس الوزراء) لتوليد الطاقة، مع تأجيل الثالث في منطقة سلعاتا الذي يصر عليه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فإنها عادت ووقعت في المحظور، حين أدرج الوزير المعني معمل سلعاتا في خطة تأهيل الكهرباء في العرض الذي قدمه أمام ممثلي دول “سيدر”، وسط استغراب هؤلاء، كأن هناك من يعتقد أن السفراء لم يقرأوا ما ذكرته الصحف عن قرار الحكومة.

 

التخبط في هذا الأمر كاد يفجر الحكومة في اليومين الماضيين، إذ إن الرئيس عون أصر، بناء لإلحاح من باسيل على إعادة طرح بناء معمل ثالث في سلعاتا في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس، بعدما تمسك به في مؤتمره الصحافي الأحد، لإعادة التصويت على إدراج المعمل مجدداً في الخطة، لكن الرئيس دياب رفض ذلك، ولوّح، إزاء هذا الإصرار بالاستقالة، لأنه لا يجوز دستورياً إعادة التصويت مجدداً على موضوع اتخذ قرار في شأنه، وتسبب الأمر باحتقان بقي طي الكتمان، نتيجة استنفار من الحليف المشترك “حزب الله” من أجل لملمة الخلاف، الذي بقي رماده تحت الجمر.