IMLebanon

سكوت عون من ذهب.. رئاسي!

هل يحتمل الحريري استدارة أخرى؟

سكوت عون من ذهب.. رئاسي!

لم يتأثر العماد ميشال عون، حتى اليوم، بكل الضخ السياسي والإعلامي الذي يحمّله، الى جانب «حزب الله»، المسؤولية عن استمرار الشغور في قصر بعبدا وتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، بسبب إصراره على التمسك بترشيحه.

يبدو عون محصنا إزاء الحروب النفسية التي يتعرض لها، بل ان من يلتقيه بعد مرور سنتين وبضعة أشهر على الشغور يشعر وكأن الجنرال ترشح للتو الى الرئاسة، فلا كلل ولا ملل نتيجة الانتظار الطويل، بل ان قناعته بصوابية موقفه تترسخ مع الوقت، ولا تفتر.

وإذا كان عون قد اعتاد في السابق على الإكثار من حضوره الشخصي والمباشر، على الجبهات الإعلامية والسياسية، في إطار التبشير بترشيحه والدفاع عنه، فإنه يعتمد منذ فترة استراتيجية الصمت الرئاسي التي لا تخرقها إلا الضرورات، برغم ان الجنرال ليس ممن يفضلون استخدام السلاح الكاتم للصوت في مواجهاته.

ولكن، كيف يمكن تفسير هدوء ساكن الرابية وسط هذا الصخب الذي يحيط به، وهل هذا السكون يعكس حالة مراوحة في معطيات المعركة الرئاسية يصبح معها الصمت أبلغ من الكلام؟ ام انه يعبر عن اطمئنان الجنرال الى ان أسهمه ترتفع جديا ما يستدعي منه إدارة الفرصة في الظل حتى لا يحرقها الضوء؟

توحي أجواء الرابية ان الارجحية هي للفرضية الثانية، وإن كان ليس بإمكان الجنرال أو مؤيديه الجزم بعد بمشاهدة «الهلال الرئاسي»، نتيجة الضباب الاقليمي الذي لا يزال يغطي المنطقة.

وبهذا المعنى، فإن عون ينتظر اكتمال دورة التفاعل بين العوامل المحلية والخارجية التي تساهم تقليديا في إنتاج اسم الرئيس، حتى يتثبث من صحة تقديراته أو عدمها، مع ميل لديه ولدى المقربين منه الى التفاؤل ولو الحذر، وسط انطباع يسود فريق الجنرال بأن حظوظ المرشحين ـ البدائل تراجعت.

لا يبذل عون جهدا استثنائيا لإقناع السعودية والرئيس سعد الحريري بالموافقة على وصوله الى رئاسة الجمهورية، مفترضا أن التطورات الموضوعية ستنوب عنه في هذه المهمة وستقنعان الرياض ورئيس تيار «المستقبل» بأنه لا مفر من الانفتاح عليه عاجلا أم آجلا، للتفاوض معه حول الرئاسة ومشتقاتها.

كل ما يفعله عون انه يترك أبوابه مفتوحة على الحوار مع رافضي انتخابه في أي وقت، وهو لا ينفك يؤكد أن عنوانه في الرابية معروف، وان من يريد معالجة أزمة الشغور يعلم من أين يجب أن يبدأ. أمر وحيد ليس قابلا للنقاش عند عون وهو ما يعتبر انه حقه في الرئاسة، أما التطمينات والضمانات والمقايضات والتفاهمات تحت هذا السقف فكلها قابلة للبحث على قاعدة الشراكة مع الآخرين، وصولا الى تطبيق معادلة «م ـ س» (ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وسعد الحريري رئاسة الحكومة)

يشعر فريق عون بأن خيارات الحريري ضاقت كثيرا، وانه سيكون مضطرا في نهاية المطاف الى التفاوض مع الجنرال على سلة الرئاسة والسرايا، ليختصر رحلة آلامه التي تبدأ من «أوجيه» في السعودية ولا تنتهي عند خسارة الانتخابات البلدية في طرابلس.

ولكن، إذا كان ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية قد رتّب على رئيس «المستقبل» أكلافا سياسية وشعبية في داخل تياره، فهل يستطيع وهو خائر القوى ان يتحمل أعباء دعم ترشيح عون، بعدما ذهب بعيدا في رفض هذا الخيار وتعبئة قواعده ضده؟

يرد المقربون من عون على هذا التساؤل بتساؤل آخر هو: وهل يحتمل النظام المترنح والتوازن المختل الاستمرار في تهميش مكوّن مسيحي أساسي؟

ويلفت هؤلاء الانتباه الى ان أزمة الحريري الحقيقية لا تكمن فقط في خسائره المالية المتراكمة وتراجع وهج تياره، وانما أيضا في خسارته الرصيد السياسي الاستراتيجي في الساحة المسيحية بعد انفضاض «القوات اللبنانية» عنه وانخراطها في تحالف مع «التيار الوطني الحر»، ردا على سياسة الاستئثار والتهميش التي استفزت الرأي العام المسيحي، ما أفقد الحريري أحد أهم خطوط الدفاع التي كان يستند اليها منذ عام 2005، «ولعله يجب ان يسجل للقانون الارثوذكسي انه كشف عن نية «تيار المستقبل» مواصلة مصادرة حقوق مكوّن لبناني محوري، وهذه وحدها تكفي لإنصاف القانون»، كما يقول احد المتحمسين له.