اذا كان الجيش اللبناني يعرف باسم «الصامت الأكبر» لأن قيادته وضباطه يرفضون الانغماس في الصراعات السياسية، والخلافات الطائفية والمذهبية، فهذا لا يعني ان يتم تجاهل الجيش، وتجاهل حاجاته المادية واللوجستية، والأهم من ذلك، حاجته الى السلاح المتطور، والذخيرة الكافية، ليمكن له ان يقوم بواجبه في حماية لبنان وشعبه بأقل ما يمكن من خسائر في الارواح في مواجهة عدو شرس يرتكب الجرائم والمجازر، ويعدم الأسرى من الجيش والمدنيين، ولا يقيم وزناً لأي رادع، سوى رادع القوة، الذي ثبت من خلال المعارك التي حصلت سابقاً في لبنان والعراق وسوريا، انه الرادع الوحيد المفيد في التعامل مع هكذا عدو، واذا كان الحكام والمسؤولون، قصّروا سابقاً في ايلاء الجيش العناية الواجبة على صعيد التسليح والتجديد والعديد، لأسباب لن ادخل الآن فيها، فمن واجب الحكومة اليوم ومجلس النواب، الا يكونا صامتين او متخاذلين او «مطنشين» على حاجات الجيش الضرورية، وأن يرفضا حجج التأخير التي تأتي من هذه الدولة او تلك، التي تتقاضى اموالاً طائلة ثمن السلاح والعتاد الموصى عليه من قيادة الجيش، لأنه من غير المسموح ولا المقبول ان يتأخر البدء بتسليم جزء من السلاح الفرنسي الى شهري نيسان أو أيار، على ما اعلن منذ مدة، في حين ان الجيش يتوقع مواجهة حتمية مع التنظيمات الارهابية في شهر آذار الجاري، كما يتوقع ان تكون صعبة، لأن المسلحين سيقدمون على «مغامرة غير مسبوقة في عنفها ووحشيتها» بعد التغير التكتيكي الذي قام به الجيش في جرود رأس بعلبك الذي اثبت صحته وجدارته، خصوصاً بعد سيطرته على عدد من التلال الاستراتيجية، ما ضيق الخناق على حركة المسلحين الارهابيين وحرمهم من عنصر المفاجأة، الذي كانوا يعتمدون عليه في استهدافهم لمواقع الجيش المتقدمة.
هذه المكتسبات المهمة، لا يمكن المحافظة عليها، بالصلاة والشعارات والهتافات، كما ان اي صد لهجوم واسع النطاق، سيكون مكلفاً ومؤلما بالارواح، ان لم يتم «تجهيز الجيش بالمزيد من السلاح المتطور والمفيد» على ما اعلنه مصدر عسكري، كما ان السياسيين مدعوون الى وعي الاخطار المحدقة بالوطن، ووعي الثغرات المميتة الناتجة عن الفراغ في رئاسة الجمهورية، اي عن القائد الاعلى للقوات المسلحة، وما يسببه هذا الفراغ من فراغات في عمل الحكومة ومجلس النواب ومؤسسات الدولة بكاملها، وبالتالي فإن النوم على حرير في هذه الحالة، يشبه نوم الحراس المولجين بحماية الأمن من اللصوص والمجرمين والحرامية.
المؤسسة العسكرية تطلب أمرين أثنين، لا ثالث لهما، السلاح المتطور والمناسب، وحماية ظـهر الجـيش بعدم اضعاف المناعة الوطنية، بمواقف وتصرفات، غير وطنية وغير مسؤولة، وهي في المقـابل تضمن انتصار الجيش في معركته ضد تنظيمات الارهاب والتكفير، بما يعـني ان قيـادة الجيـش واعيـة لامـكان وجود عناصر في الداخل يعملون لاثارة النعرات الطائفية والمذهبية، كمثل الاعتداء على كنائس اوجوامع او امكنة دينية، والمطلوب من القيادات السيـاسيـة والروحـية، التنـبه لهذه الاخطـار والتوعية بشأنها، لعدم إلهاء الجيش عن واجباته الاسـاسية في حفـظ ارض الوطن.
اذا صمت الجيش، يجب على المسؤولين والمواطنين ان يكونوا صوته الداوي، اذا كان اللبنانيون يريدون حقاً انقاذ وطنهم.