وصفت أوساط نيابية مسيحية مشهد الإنتخابات البلدية والإختيارية في الجنوب بالمشابه، وإلى حد بعيد بمشهد الإنتخابات في جبل لبنان، معتبرة أن الجولة الثالثة كما الثانية، انطوت على مفاجآت تكاد تكون بحجم الإستحقاق الديمقراطي، والذي ارتدى حجماً مضخّماً لجهة العناوين المرفوعة، والتي رافقت المراحل الإنتخابية الثلاث. واستغربت هذه الأوساط ما ظهر من إصرار لدى بعض القوى السياسية، وبخاصة لدى المعنيين بالإستحقاق جنوباً، على إطلاق الشعارات التضخيمية للمواجهات البلدية في بعض القرى، والتي وصلت إلى مستوى توظيف العناوين السياسية في الحملات الانتخابية.
وعلى الرغم من التباين في مشهد المواجهات العائلية والحزبية في المحطات الإنتخابية في بيروت وجبل لبنان من جهة، والجنوب من جهة أخرى، فإن الأوساط النيابية سجلت أكثر من ملاحظة خلال اليوم الإنتخابي الطويل، والحافل بالتطورات، وذلك لجهة امتزاج الإستحقاق البلدي بالسباق النيابي في قضاء جزين، حيث اختلطت التحالفات وتناقضت إلى حد بعيد. واعتبرت أن الملاحظة الأولى هي في وجه الشبه في النتائج جنوباً مع نتائج انتخابات جبل لبنان الأخيرة، حيث انقسمت الأحزاب على نفسها، وكذلك العائلات التي تنافست في لوائح مختلطة، فيما فرضت قوى الأمر الواقع نفسها بقوة في الإستحقاق مما دفع إلى انكفاء أعداد من الناخبين بعدما تأكد لدى بعض المرشحين وجود صعوبة لديهم في إحداث أية خروقات بارزة، وقد سارعوا إلى الإشارة إلى هذا الأمر إبان العملية الإنتخابية وخلال عملية الإقتراع في أكثر من قرية جنوبية، حيث كشف هؤلاء أنهم يريدون إثبات الوجود فقط على الساحة السياسية الجنوبية من خلال بوابة الإنماء، وهو ما أكدته الشعارات والعناوين المرفوعة خلال الأسابيع الماضية.
وأضافت الأوساط نفسها، أن الملاحظة البارزة قد تجلّت في نسبة الإقتراع المتدنية، والتي لم تتجاوز ال50% خلافاً لنسبة الإقتراع التي سجّلها جبل لبنان، وذلك على الرغم من التنافس المفاجئ الذي سُجّل في بلدات ذات رمزية حزبية. واعتبرت أن هذا الواقع يفتح الباب واسعاً أمام أكثر من سيناريو مرتقب في الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، وبشكل خاص في الإنتخابات النيابية. وبالتالي، فإن الندوب التي أصابت الجسم التنفيذي لأحزاب مسيحية بارزة، لم توفّر الأحزاب في الجنوب أيضاً، فالتردّد الواضح من قبل الناخبين وانقسام المناصرين في لوائح متنافسة، شكّل رسالة لكل القوى السياسية المعنية بالأوضاع الإنمائية في القرى والبلدات الجنوبية بدون أي استثناء.
وفي ملاحظتها الثالثة حول مسار العملية الإنتخابية في الجنوب، وجدت الأوساط النيابية عينها، أن المعطيات النيابية قد فرضت أمراً واقعاً مختلفاً عن السابق، وستكون له ارتدادات قوية على مجمل الواقع السياسي العام، وذلك لجهة تكريس مناخ ضاغط باتجاه الإعداد لإجراء انتخابات نيابية، وتفعيل العمل لإقرار قانون إنتخابي جديد. وأكدت في هذا الإطار أن اعتبارات الشارع ستكون حاضرة إعتباراً من اليوم في المشهد السياسي، لأن الواقع بعد الإنتخابات النيابية سيختلف بقوة عما كان عليه قبلها. وأشارت إلى حصول تحوّلات في موازين القوى وفي المعادلات التي ستدفع نحو تحالفات سياسية جديدة. لكنها استدركت في الوقت نفسه معربة عن وجود خشية لدى البعض من أن تأتي هذه الإرتدادات سلبية على القانون الإنتخابي قد تصل إلى مستوى غياب التوافق، وصولاً إلى إبقاء القديم على قدمه والإستقرار على قانون الستين.