منتصف يوم أمس، لم يكن النائب سيمون أبي رميا قد وصل بعد إلى هيئة قضاء جبيل في التيار الوطني الحر، مكان الاقتراع للانتخابات التمهيدية في «التيار». شقيقه كان حاضراً، حاملاً أحد الملفات بيده ويُرشد المقترعين إلى الغرفة التي سيدلون فيها بأصواتهم.
في حين أن المرشحين الثلاثة الآخرين، ناجي حايك وبسام الهاشم ونعيم باسيل، كانوا حاضرين ويتنقلون بين طبقات المبنى. تسأل عن أبي رميا، فيجيب منسق قضاء جبيل طوني أبو يونس أنه «سيحضر بعد الواحدة لارتباطه بواجب عزاء». مقرب من نائب جبيل يوضح أنه «يستكمل اتصالاته من أجل حث الناخبين على الاقتراع». بعد إقفال صناديق الاقتراع، بانت جهود ابن اهمج. 696 ورقة سيمون أبي رميا أسقطها المقترعون العونيون أمس في صناديق الاقتراع من أصل 1236 مقترعاً. فيما نال حايك 344 صوتاً والهاشم 125 صوتاً وباسيل 71 صوتاً (لم يتأهل الى مرحلة الاستطلاع الشعبي كونه لم يحصل على الحاصل الانتخابي الذي يبلغ 103 أصوات). تراتبية الأسماء كانت محسومة منذ ما قبل اليوم الانتخابي. العمل كان يتركز على النسبة التي سينالها كل مرشح. لم تكن مجرد معركة تسجيل أصوات تلك التي خاضها أبي رميا أمس.
هي محطة في المسار السياسي نفسه الذي بدأ عونيو جبيل رسمه منذ الانتخابات الداخلية لاختيار منسقي الأقضية والهيئات المحلية. اكتساح أبي رميا لجبيل ثبّت أنه رقم صعب في القضاء الذي مثله نيابياً لدورتين متتاليتين. محاولات «أبلسته» من قبل الفريق الآخر الذي يحلو له أن يُطلق على نفسه لقب «المناضلين» لم تنفع. «سلاح» وسائل التواصل الاجتماعي والدعوة إلى تغيير النهج الذي يُمثله في جبيل، لم تُثمر أيضاً. الهواء العوني في جبيل هبّ أمس لمصلحة أبي رميا ليُلاقي آلان عون في بعبدا وزياد أسود في جزين وزياد عبس في الأشرفية. والقاعدة العونية الجبيلية أوضحت 696 مرة أمس أنها تقف إلى جانب من يعارضون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وحتى لو توحدت جبهة «الموالين للقيادة» وقبل حايك والهاشم بأن يتنازل أحدهما لمصلحة الآخر، ما كانت النتيجة لتتغير ربما. فمجموع أصواتهما لا يسمح لهما بمنافسة أبي رميا.
هذه النتيجة فاجأت الهاشم «إلى حدّ ما». إلا أنه يأبى أن يحيد عن قناعته: «لا تعكس إرادة الشعب، هناك قاعدة ناخبة لم تتظهر بعد». يأسف «لعوامل الفساد التي دخلت بالعملية، كتزفيت الطرقات»، واعداً بـ«أننا مستمرون بالمعركة وهذه هي البداية».
طيلة اليوم الانتخابي، كان حايك محاطاً بـ«العسكر القديم»: مغوار قديم، عسكري جريح، عوني عتيق… «ننتخب للحكيم لأنه آدمي ومع الناس. كل المقاتلين معه». هو أرادها معركة تثبيت المرشح الثاني «العوني» إلى الانتخابات النيابية. ولكن قد لا تتحقق تمنيات حايك في حال فرضت التحالفات والقانون الانتخابي إبقاء القديم على قدمه. بين الواحدة والثانية من بعد الظهر، وصل أبي رميا إلى مركز الاقتراع، قبل أن يعود إلى مكتبه حيث تابع حركة المقترعين بحسب لوائح الشطب. فخره أنه تمكن من سحب فتيل التشنج الذي كان سائداً خلال الانتخابات الداخلية، «كلنا رفاق وكلنا سلّمنا على بعض». مناصرو طبيب الأطفال نعيم باسيل تعرفهم من أزرارهم التي علقوها على صدورهم. يريد أن يكون التغيير في جبيل، «تغيير أشخاص وليس برامج لأننا نعمل وفق برنامج التيار الوطني الحر». ترشيحه «عُتّم» عليه، فكان الحديث عن ثلاثة مرشحين فقط. هو يأسف لمعركة «غير عادلة» يخوضها بوجود «مرشح نائب وآخر لديه خدماته».
حلول أبي رميا أوّل بفارق كبير عن منافسيه، دفع مناصريه إلى حمله على الأكتاف. الشامبانيا كانت مشروب الاحتفال. أما على جبهة حايك، فاحتفال هادئ لـ«الحرس القديم». أكواب البيرة رنّت في سوق جبيل: كأس التأهل إلى المرحلة الثانية.