IMLebanon

تبسيط أمور معقدة وتعقيد أمور بسيطة

ليس صحيحاً ان كل الأطراف من دون استثناء ضد الشغور الرئاسي. فلو كان صحيحاً ما نسمعه يومياً في الخطاب الجماعي من رؤية للمخاطر وتحذير من بقاء الجمهورية مقطوعة الرأس لما عجزنا عن انتخاب رئيس. وليس صحيحاً أيضاً أن استمرار الشغور منذ شهور مع بقاء الأفق مغلقاً هو اشارة الى أن زمن الرؤساء الموارنة انتهى، لكن الوضع البديل لم تكتمل ظروفه بعد. فالوضع البديل الذي يتحدث عنه البعض والمرتبط بتطورات وصراعات طويلة تقود الى سقوط دول وانهيار حدود، أو الى انتصار محور وحيد في المنطقة ليس له صورة ولا حتى تصوّر. والوصول اليه أصعب بكثير من اصلاح النظام اللبناني. ولو أديرت معركة الرئاسة بالمنطق الوطني الذي يضع موازين المصالح في اطار المصلحة العامة فوق موازين القوى لما حدث شغور.

الواقع اننا أسرى معادلة سوريالية خطيرة: تعقيد أمور بسيطة، وتبسيط أمور معقدة. أما الأمور البسيطة التي نميل الى تعقيدها، فإنها متعددة. ولعل النموذج الأخير منها هو تعقيد آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بما يعطّل مصالح البلد والناس بدل أخذ الأمر ببساطة كما هو من خلال المادة ٦٥ من الدستور. وأما الأمور المعقّدة التي نتنافس في تبسيطها، فانها تتعلق بثنائية الربط والفصل بين الوضع اللبناني وأوضاع المنطقة، لجهة التحييد عن المحاور أو الانخراط فيها.

والمثال واضح في انتخابات الرئاسة. فالمختلفون على الانتخاب متّفقون على شيء واحد: انتظار الاتفاق الأميركي – الايراني على الملف النووي. والمشكلة مزدوجة: اذا كان سبب الربط هو ان طهران تعطّل الانتخابات لأنها لا تستطيع تأمين النجاح لمرشح محسوب على المحور الاقليمي الايراني، فما الذي يدعوها الى قبول مرشح تسوية عندما تحصل على اتفاق ويصبح موقفها أقوى؟ واذا كان خيالنا يفترض ان توقيع الاتفاق النووي يعني في الوقت نفسه التفاهم على النظام الاقليمي ومن ضمنه رئاسة لبنان، فان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يسكب ماء بارداً على خيالنا الملتهب.

ذلك ان كيري يقول في الرياض: نحن لا نتوقّع مقايضة كبيرة، ولن يتغيّر شيء في اليوم التالي لتوقيع الاتفاق. وسواء تمّ أو لم يتمّ الاتفاق، فاننا ملتزمون التصدّي لبقية المسائل مع ايران بما فيها دعمها للارهاب. ولن نتغاضى عن أعمال ايران التي تسبّب زعزعة الاستقرار في المنطقة من خلال دورها في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

والسؤال البسيط هو: هل هذا كلام مخادع للاستهلاك وتطمين الحلفاء موقتاً أم ان أصحاب الرهانات الخيالية يصرّون على أنهم يعرفون أكثر من كيري ما يدور بين أميركا وايران؟