اتضح لنا… إقتنعنا، بأن لحزب الله اللبناني عدوين أثنين رئيسين، المستعمرون الإسرائيليون من جهة وآل سعود من جهة ثانية. هؤلاء من أمامه وأولئك من خلفه!
من البديهي أنه يوجد في لبنان خصوم سياسيون لحزب الله، بعضهم انطلاقاً من مبدأ فصل الدين عن السياسة، انسجاماً مع ضرورة علمانية الدولة. لا أعني طبعاً بالخصوم السياسيين، جميع الذين يناصبون حزب الله العداء بدافع العصبية المذهبية. ما أعنيه بدقة هو أن لحزب الله خصوماً سياسيين في لبنان، يصنفون بحسب العرف اللبناني، في جميع الطوائف والمذاهب والعشائر… والمافيات و«السفارات» و«الإمارات».
لدى حزب الله إجابة سياسية على تساؤلات العلمانيين، خلاصتها أن حزب الله لا يتعاطى في الحقيقة في الشأن السياسي اللبناني وانما ما يهمه هو مقاومة العدو الإسرائيلي، الذي غزا بقواته الوطن واحتل الأرض. فكان لا بد من إيجاد مقاومة تتصدى له وتردعه عن العدوان. هذه المهمة اضطلع بها حزب الله. أما في السياسة فإنه وظف فيها ما يكفي لحماية ظهر المقاومة فقط، لا أكثر ولا أقل. ما جعله يغض النظر عن الصفقات والفساد والتجاوزات والنتن المنتشر في الوسط السياسي اللبناني.
بالمقابل هناك لبنانيون يحسبون من الطوائف والمذاهب والعشائر اللبنانية على إختلافها يناصرون المقاومة، انطلاقا من مبدأ ضرورة التصدي للمستعمرين الإسرائيليين. من البديهي أني لا أقصد هنا أيضاً الذين يتضامنون مع حزب الله بدافع العصبية المذهبية، مثلما أني أهملت الذين يحاولون إعتراض هذا انقياداً للعصبية المذهبية ذاتها ولكن من وجه هذه العصبية الثاني، الذي يتمثل في الصراع الداخلي من أجل الزعامة على المذهب! هؤلاء هم شيعة السفارة وشيعة الإمارة!
مجمل القول أن لحزب الله في لبنان، خارج البيئة الإجتماعية التي ولدته وخارح الولاءات والإنتماءات الطائفية والمذهبية والإقطاعية، مؤيدين له، لأنه يجسد فعل المقاومة ضد المستعمرين الإسرائيليين، هذا من جهة. وله من جهة ثانية، خصوم حجتهم أن هذا الحزب يمارس العمل السياسي على أساس مذهبي كون جمهوره من لون مذهبي واحد، فضلاً عن ارتباطه بعلاقة وثيقة بإيران!
هذا يتطلب بعض التوضيح، وضعاً للأمور في نصابها الصحيح. لا بد أولا من التذكير بأن حزب الله ظهر أثناء إحتلال قوات الغزو الإسرائيلية لبنان، أي انه لم يوجد بالصدفة. وبالتالي فإن المنطق يجبرنا قبل البحث في شرعية وجود حزب الله أولاً، على دراسة أسباب الغزو الإسرائيلي والأسلوب الذي عولج به. أما عن العلاقة بإيران، فمن نافل القول أن الإيرانيين ساعدوا حزب الله على تحرير الأراضي اللبنانية من قبضة المستعمرين الإسرائيليين.
يلزم التذكير أيضاً، بأن أبناء الجنوب انضووا في جميع مراحل العمل الوطني اللبناني والعربي، منذ سقوط الدولة العثمانية وحتى يومنا هذا، بأعداد كبيرة في الحركات والأحزاب التقدمية. كانوا في حزب البعث العربي الإشتراكي، ولم يكونوا ناصريين أقل حماسة من غيرهم للقومية العربية، كانوا سوريين قوميين اجتماعيين، كانوا شيوعيين، احتضنوا فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتضامنوا معها كما هو معروف، في تقديري أكثر من غيرهم. «يا علي» في قصيدة عباس بيضون التي غناها مارسيل خليفة، هو من أبناء الجنوب!. من يعرف قصة علي؟يلزم القول أيضاً، ان النخبة السياسية التقدمية، اضهدت وحوربت في الجنوب من جانب الدولة اللبنانية، بواسطة الإقطاع القديم والجديد! هذا موضوع يحتاج إلى تفاصيل لا يتسع لها المجال هنا. ولكن يجب في يوم من الأيام أن نضع جميع الأوراق على الطاولة.
ليس مقبولا في لبنان، من وجهة نظري، التطاول على ذكرى مئات الشهداء الذين قدمتهم المقاومة في لبنان في تصديها للعدوان الإسرائيلي على لبنان وفي تصديها للحرب الأميركية الإسرائيلية، التي يشنها على سورية بالوكالة آل سعود والعثمانيون الجدد.
أخيراً، بصرف النظر عن المبادئ السياسية التي يلتزم بها واحدنا، ومهما اختلفت العقائد الفلسفية التي نؤمن بها، وسواء اتفقنا أو لا مع حزب الله في أساليبه ووسائله وسياساته، يتوجب علينا جميعاً الإعتراف بأن الأعداء الرئيسيين لحزب الله هم المستعمرون الإسرائيليون وآل سعود. بكلام أكثر وضوحاً وصراحة كشف هذا الحزب عن المستور، وفضح حقيقة معاونة بعض نظم الحكم العربية للمستعمرين الإسرائيليين، منذ ثورة القسام في فلسطين في 1936 وحتى المقاومة اللبنانية في يومنا هذا!