Site icon IMLebanon

تطبيق “المفرد مجوز”… “بروفا” لعزل المناطق؟

 

إستحقاق جديد أطل برأسه على الأجهزة الأمنية اللبنانية، فوجدت نفسها أمام تحدّ آخر بعد ثورة 17 تشرين وضعها في مواجهة مباشرة مع “كورونا”.

 

بغضّ النظر عن العمل الأمني والعسكري الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، إلا أن هناك هاجساً دائماً يرافق قيادتها وضباطها وعناصرها وهو الحفاظ على صورتها لدى الناس، وهذا الأمر يفسّر التهاون في بعض الأماكن والظروف في وقت كان يُطلب منها الضرب بيد من حديد.

 

وتحرص الأجهزة الامنية اللبنانية، وعلى رأسها الجيش، على الظهور بمظهر القريب من الشعب وعدم مقارنتها بأجهزة دول المنطقة التي تعتبر العصا “الغليظة” التي تقمع شعبها، وبالتالي فإن التأكيدات من القادة الأمنيين دائماً هي أننا لسنا أجهزة نظام أو أداة قمع بيد السياسيين، بل إننا ننفّذ أوامر السلطة السياسية وفي الوقت نفسه نحن مع الشعب وإلى جانبه وموجودون لأجل حمايته.

 

وطرحت مسألة تفشي “كورونا” مهمّة جديدة على الأجهزة الأمنية كافة، وهذه المهمة تتمثّل في السهر على تنفيذ التعبئة العامة والقرارات الإدارية التي تصدر عن السلطة السياسية، وكان آخرها بالأمس سريان قرار سير الآليات وفق قاعدة المفرد والمجوز.

 

وتشير مصادر أمنية متابعة إلى أن الأجهزة الامنية ومنذ اليوم الأول لإنتشار “الكورونا” كانت على خطوط المواجهة، لكنها لا تستطيع التحرّك بمفردها من دون قرار حكومي، وعندما أصبح هذا القرار واضحاً قامت الاجهزة بما يتوجب عليها لإتمام مسيرة التعبئة العامة.

 

وفي السياق، تلفت المصادر إلى أن دور الأجهزة كان في بدايات الأزمة توجيهياً، وهي تستمرّ حتى اليوم في أداء هذا الدور لأن هدفها حماية الناس من هذا الفيروس وليس تسجيل بطولات أو القيام بعرض عضلات، وهناك تجاوب بنسبة كبيرة جداً من المواطنين، والعقاب أو تسطير محاضر الضبط يتم بحق الذين لا يلتزمون بالقانون ويريدون جلب الأذى الصحي لهم ولعائلاتهم ومحيطهم.

 

طبّقت القوى الأمنية قرار وزير الداخلية محمد فهمي في تنظيم سير الآليات وفق قاعدة “مجوز ومفرد”، وفي اليوم الأول لم يكن من مجال للتساهل إذ إن الحزم بدا واضحاً من خلال آليات التنفيذ، فالذي يكتب بحقه محضر ضبط لا يعني أنه بات بإمكانه التجول طوال النهار لأن الحاجز الثاني سينظم بحقه محضراً ثانياً، وظهر حزم القوى الأمنية على الأوتوسترادات الساحلية من إقفال الممرات وحصر السيارات وملاحقة من هو مخالف لهذا القرار.

 

وعما إذا كان ما حصل مقدّمة لعزل المناطق بعضها عن بعض، تشدّد المصادر الأمنية على أن هذا القرار تتخذه الحكومة وليس الأجهزة الأمنية، وكل ما تفعله الأجهزة هو تطبيق هذا القرار من أجل حماية اللبنانيين، في حين ترى الأجهزة أن كل الإحتمالات واردة، وقد تذهب الأمور إلى مزيد من التشدّد في الأيام المقبلة، خصوصاً أن هناك فئة قليلة جداً تخرق مبدأ الحجر المنزلي، وقد تُخرّب على الأكثرية الساحقة من الشعب كل ما قام به من بداية أزمة “كورونا” إلى يومنا هذا.

 

ومع تقدّم الأيام يظهر بوضوح أن هناك مناطق تتمّ فيها عمليات خرق التعبئة أكثر من غيرها، وعلى رغم المعالجة الأمنية لهذه الظواهر، إلا أن الأجهزة تعلم أن هذه المناطق تُصنف على أنها فقيرة ولا تستطيع أن تستعمل معها القوة المفرطة وتحاول معالجة الأمر بما يحفظ سلامة المواطنين هناك، مع علم قادة الأجهزة أن هذه المناطق تحتاج معالجة إقتصادية من الحكومة وليس إلى معالجة أمنية فقط، لأن المواطن الجائع ليس لديه شيء ليخسره ويردد دائماً: “إذا ما متنا من المرض منموت من الجوع”.

 

وأمام كل ما يحصل يبقى الأساس مراقبة مجرى الامور في الأيام المقبلة، وما إذا كانت التدابير تعطي نتائج لتخفيف الإزدحام أو انّ هناك مزيداً من الفلتان في الأيام المقبلة، علماً أن الأجهزة قادرة على تنفيذ أي قرار يتخذ ومنه عزل بعض المناطق، لكن كل ذلك يحتاج قراراً سياسياً.