لو كان الرئيس فؤاد السنيورة وزيراً للمال لما سدّد استحقاق اليوروبوند، قد تكون نصيحة للحكومة التي ستأخذ قرارها غداً في شأن هذا الاستحقاق، لكن السنيورة لا يكتفي بقرار عدم الدفع بل يوضح: “عدم الدفع يجب أن يواكب بتفاوض مع الدائنين والتفاهم معهم بناء على خطة متكاملة، وإعادة جدولة الدين بطريقة واضحة مرفقة بإجراءات اقتصادية ومالية”، فهو يعتبر أن “عدم الدفع حالياً افضل من الدفع، ولا يمكن عدم الدفع من دون اتخاذ الاجراءات الجدية في الاصلاح. فهناك امر يمكن القيام به اليوم، ويبدأ بخطة الكهرباء، فمثلاً باستطاعة رئيس الحكومة حسان دياب أن يتصل بعبد اللطيف الحمد رئيس الصندوق الكويتي للتنمية لطلب المساعدة، والحمد هو الذي تعجرف عليه باسيل ذات مرة قائلاً له انا لست بحاجة الى مساعدتكم لأن معي 1200 مليار في جيبي”. ويضيف السنيورة: “يجب رفع تعرفة الكهرباء من دون أن يطاول ذلك الفئات الفقيرة، بل كل شخص يستلهك أكثر من ٥٠٠ كيلواط يجب رفع الدعم عنه، وهذه تعطي رسالة للاسواق ولانخفاض سعر الدولار”.
لا يتهرب السنيورة من المسؤولية، ويعتبر أن “لا أخطاء في السياسة المالية التي تم اعتمادها منذ التسعينات، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لكنت انتهجت السياسات نفسها، لكن الخطأ الأساسي هو عدم مواكبة هذه السياسات وعدم تطبيقها بطريقة متواصلة”.
ويتابع: “ما وصلنا إليه هو بسبب عدم القيام بالاصلاحات، وكان هناك استشراس بالانفاق من دون اي ضوابط، وما يدفعنا لقول ذلك هو تحميل المسؤولية لثلاثين سنة، فيما الحقيقة أن 12 سنة منها هم المسؤولون عنها”.
كما يعتبر أن “الحاجة للاستعانة بصندوق النقد يجب ان تدرس، وليس صحيحاً شيطنة الصندوق، بل هو يقدم اقتراحات والدولة تتخذ القرار المناسب”، مشيراً إلى أن “أهمية الصندوق انه لا يعطي الديون فقط، بل يمنح ختم الصدقية”.
فقدان الثقة
ولفت إلى أن “هناك انحساراً كاملاً بالثقة بين الدولة والمواطنين، وبين لبنان والمجتمع العربي والدولي، وهذا يحتاج الى علاج باعادة تصويب البوصلة. ويجب اعادة الاعتبار للمبادئ الاساسية، للدستور، الذي تحوّل الى خرقة تحت الارجل، والامر نفسه بالنسبة الى الدولة وسلطتها، بمواجهة تسلط الدويلات على الدولة والاستمرار بسياسة المحاصصة، فأصبحت الدولة جثة على الطاولة والجميع يريد تقاسمها”.
ويرى أن “حكومة الرئيس دياب لن تستطيع أن تأتي بمساعدات من دول الخليج. فنحن وصلنا إلى مكان باتت فيه سياسة لبنان الخارجية تصادمية مع المجتمعين العربي والدولي، ولا يمكن لشخص أن يقول للمجتمع الدولي أعطوني مساعدات وهو يدير المدفعية باتجاه العالم”.
ويؤكد أن “الحكومة الحالية أتت بطريقة ملتبسة وهناك ملابسات في التكليف والتأليف وفي مكوناتها، وظهر بالنسبة إلينا وزراء يرتدون أقنعة، لكن رغم ذلك فهذه حكومة”. ويلفت إلى أن “إلغاء التسوية خطوة من مجموعة خطوات، وتم الغاء التسوية نتيجة عدم حصول احترام لمبادئها بل جرى استخدامها للحصول على مزيد من التنازلات”. وعن امكان عودة وحدة قوى “14 آذار” يقول: “لا مناص من العودة إلى تطوير من هم مع المبادئ السيادية وآن الأوان أن يروا الأمور بنظرة واسعة تكتيكية، فـ 14 آذار سقطت في ممارسات الأزقة واختلفوا على موظفين وبعدها على رئاسة الجمهورية”.
هل ستعود ضمن معادلات “المستقبل” بعد انتهاء التسوية؟ يجيب السنيورة بقول للمتنبي: “وحالات الزمان عليك شتى… وحالك واحد في كل حال”. ويوضح: “أنا لم أتغير وثابت في موقفي وكل ما يؤدي إلى منفعة عامة سأقوم به”.
هل سيعود الرئيس الحريري رئيساً لحكومة في عهد عون؟ يجيب: “سبحان الحي الباقي. نحن في مرحلة جديدة والطريقة التي أديرت فيها البلد انحرفنا فيها نحو حكومات الوحدة الوطنية، وفي العمل الديموقراطي هناك حالات استثنائية يمكن لهكذا حكومات أن تتشكل ويكون حينها الاهتمام بقضية واحدة، وعندما تنتهي هذه القضية نعود إلى حكومة موالاة ومعارضة، وأنا سعيد بالعودة إلى هذا الخيار ولنرَ ماذا سيفعلون”.
ويعتبر أن “زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني فولكلورية وليس لدى إيران أي شيء تقدمه، وهو جاء لأنه سيترك موقعه وهي أشبه بزيارة وداعية”. أما عن تمثال الجنرال الايراني قاسم سليماني في مارون الراس فيقول: “إنها أرض تابعة للدولة فهل من وضعه حصل على الاذن أواستشارة من الدولة لوضعه”، متسائلاً: “ما الفائدة من تمثال سليماني، خصوصاً أن هناك مسألة خلافية عليه، ووضع هذا التمثال يذكرني بقول للمتنبي “أبنت الدهر عندي كل بنت… فكيف وصلت أنت من الزحام؟!”.