Site icon IMLebanon

السنيورة والحريري علاجان مختلفان وتوصيف واحد

 

 

 

بقدر ما تبرّر الحيثيات التي عرضها الرئيس سعد الحريري تعليقه عمله السياسي، تبرّر وتفرض من جهة ثانية المشاركة الحيوية في النشاط السياسي العام، بتفاصيله اليومية وفي محطاته المحوريّة.

 

قدّم الحريري صورة واقعية للوضع الذي تعيشه البلاد نتيجة تسويات ومحاصصات وسياسات صبّت في النتيجة لمصلحة هيمنة «حزب الله» وراعيه الايراني على مصير لبنان وسكانه. واعتبر أن استمرار هذا الوضع مقروناً بخروج الحزب إلى التدخل في شؤون البلدان العربية زاد في تعميق أزمات لبنان وقطع شرايين إنقاذه، لكن وصفته في مواجهة ذلك كانت أخذ استراحة والجلوس في مقاعد المتفرجين ليستمرّ العرض وتتعمّق الأزمة من دون مشاركته أو غطائه.

 

التوصيف الذي قدّمه الحريري للمشكلة وبقدر ما يمكن أن يدفع على المستوى الشخصي إلى القرف والانعزال، يدفع بقدر أكبر إلى النزال وخوض المعارك السياسية والشعبية الوطنية. فالهيمنة لا تواجه عشية انتخابات نيابية ورئاسية يعقبها تشكيل حكومات بالاستنكاف والانسحاب. ربما كان يجدر القيام بخطوة من هذا النوع قبل 10 سنوات لدى إقالة الحكومة على مدخل البيت الأبيض أو قبل ذلك لدى فرض حكومة مناقضة لنتائج انتخابات 2009، أو ببساطة الاستقالة من مجلس النواب عندما قدم نواب استقالاتهم في أعقاب تفجير 4 آب 2020، لكن بعد كل تلك السنوات وبلوغ السيل الايراني الزبى، ليس مفهوماً في النطاق السياسي العام الخروج من الملعب وترك اللاعبين الآخرين يفوزون ويكرسون رؤاهم المشكو منها.

 

نعرف ويعرف كثيرون أن القرار ليس سهلاً لا على جمهور تيار المستقبل ولا على الحريري نفسه. فهؤلاء يشاهدون بأم العين كيف يهرع الخصوم المشكو منهم إلى ملء الفراغ في المواقع الكبرى التي قرّر الحريري إخلاءها من صيدا إلى الإقليم فبيروت وطرابلس. ولن يكون صعباً في ظروف الانهيار الإقتصادي والسياسي وغياب التمثيل الشعبي أن تنزرع تلك الدوائر بنواب على شاكلة الذين فازوا في انتخابات 1992 ضمن الدوائر ذات الغالبية المسيحية وبسبب مقاطعة القيادات المسيحية شبه الشاملة.

 

لذلك يُفهم موقف الرئيس فؤاد السنيورة بأنه رفض للوصول إلى حالة 92، وسعي الى إعادة الاعتبار للانتخابات بوصفها عملاً دستورياً تأسيسياً. استند السنيورة في موقفه إلى توصيف الحريري ليخرج باستنتاج مغاير. بدلاً من الاستنكاف قال بالانخراط، وبدلاً من الاكتفاء برجم «حزب الله» قال بخوض معركة الصناديق ضد سياساته. وفي رسالته إلى اللبنانيين وجمهور الحريرية محاولة إعادة تصويب ورفض للانهزام أمام مشروعٍ ينهي الدولة ويقضي على بقية أمل في حياة طبيعية. ومن هنا وحتى الانتخابات سيكتشف اللبنانيون الطريق الأسلم لقول خياراتهم.