Site icon IMLebanon

السنيورة: على عون أن يتصرّف كرئيس جمهورية لا كرئيس بلدية

 

 

يؤكد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري كان قبيل استقالته يسعى إلى الخروج من المأزق، والتوافق على تشكيل حكومة جديدة بينه وبين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ومع القوى السياسية الاساسية الاخرى، بحيث يكون هناك اتفاق على حجم ومكونات الحكومة الجديدة من اجل التسهيل والتسريع في عملية التأليف.

 

كل المؤشرات كانت تقود، بحسب السنيورة، الى ضرورة استقالة الحكومة، “لبنان لم يعد لديه، لا ترف الانتظار ولا ترف الاختيار، ضاقت خياراته”. وانحسرت الثقة ما بين المواطنين وحكومتهم ودولتهم وكامل الطبقة، خرج الناس بسبب الضيق، وكان هناك من يتلاعب بأساسات البلد، ويضعه في إشكالات مع الدول العربية، ما انعكس على لبنان سلباً، ولم يعد بإمكانه الحصول على أموال خارجية”. إنعدام وجود مخارج في ظل هذا الواقع “دفع الشباب الى الخروج باحتجاجاتهم، وكانت المفاجأة، بالنسبة له كما للآخرين بوصل الساحات في ما بينها على همّ واحد، ما شكل منعطفاً أساسياً في تاريخ لبنان. وهذه الفورة أطاحت التسوية بين “حزب الله” وعون وأفقدتها شرعيتها الشعبية، وأطاحت بتسويات أخرى”.

 

إستقالة الحكومة

 

بحسب السنيورة، كنا قد “دخلنا في مرحلة ضرورة البحث عن حل” ولكن “إذا استقال الحريري من دون توافق فنحن نسير باتجاه خيار آخر وقد نكون دخلنا في نفق كبير”. وهو يؤيد تشكيل حكومة من غير السياسيين شرط أن “يكون رئيسها سياسي مؤهل لنيل ثقة عربية ودولية”. على أن شرط خروج الحريري من الحكومة مقابل جبران باسيل غير مقبول، ذلك “أن خروج الحريري يجب أن يقابله خروج عون وليس باسيل، أي رئيس مقابل رئيس وليس أقل”.

 

وفق ما يراه رئيس الحكومة السابق، فقد دخلنا فعليا “في ظرف شديد التعقيد”، لم يعد لدى الساحر حيل إضافية يلجأ اليها، وعلى الجميع أن يتواضع لايجاد المخارج المناسبة وإلا فالبديل صعب، وإذا لم يُصر الى تشكيل حكومة جديدة فالخوف حينها من الفراغ ولو مع حكومة تصريف أعمال ولكن من دون أفق”.

 

وينتقد السنيورة، في دردشة إعلامية استعرض خلالها أسباب الازمة وسبل الخروج منها، “صيغة الحكومة الائتلافية لا سيما في النظام الديموقراطي اللبناني، حيث يجب أن تكون هناك أكثرية تحكم وأقلية تعارض ولها مهمة المراقبة”. يتحدث بذهنية الزاهد في تولي أي منصب سياسي جديد فيرى أن الحريري يمكنه أن يشكل حكومة من دون “حزب الله”، “حين تهب الريح، على قبطان السفينة أن يضحي بالحمولة السياسية، وبناء عليه يمكن للحريري أن يشكل حكومة باختيار وزراء مقربين أو محسوبين على “الحزب” من بعيد”.

 

التسوية

 

لا يفصل السنيورة الازمة الراهنة عن التسوية التي “كان يجب إدارتها بشكل جيد”. يصحح مسار هذه التسوية بالقول إنها “جرت بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون وليس بين الحريري وباسيل”، وهذه حقيقة يجب توضيحها لأن “الفول بقضامي غير الفول بحديد، وهذا خلط للأمور وإضافة عقد جديدة ستؤدي الى مشكلات”.

 

جرت التسوية “على أساس الإقرار بوضع لبنان في المنطقة، ولا بد من الحفاظ على لبنان مع التوازنات الخارجية، لا أن يجعله أسيراً وينقاد الى فكرة التوازنات المستجدة”. ولكن منذ حصول التسوية الرئاسية “يتعرض لعملية شحن يومي لتخريب عقول اللبنانيين، وقد زادت حدتها بشعارات كـ”الرئيس القوي” واستعادة الحقوق، ما أدى الى ازدياد كبير في تخريب العقول”. المشكلة كما يراها “هي في تكريس منطق الزرائب الطائفية، فأصبح المواطن يشعر نفسه في حالة توجس من الآخرين. وذلك بهدف جعله غير قادر على معرفة مصلحته”.

 

تغيير الموازين

 

يقول: “كان لبنان وعلى مدى تاريخه ينجح بأنه يحقق التوازن الداخلي بقوة التوازن وليس استناداً الى تغير موازين القوى، لأن تغير هذه الموازين وفي وجود هذه الفسيفساء التي تتعاظم وتتفاوت بين مرحلة وأخرى، يجعل كل فريق يطالب بإعادة النظر بالتوازنات وهذا يجعل البلد في مهب التقلبات للتوازنات الخارجية وينقلنا الى حالة عدم استقرار”.

 

ينتقد اتجاه محور الممانعة لفرض التغيير بموازين القوى، بينما “المعارك لم تحسم بعد، وهناك من يتجاهل ما يجري في المنطقة، كالعراق مثلاً”، وينكر ما يحصل هنا ايضاً.

 

يرى السنيورة أن هناك “من مس بأساسات البلد وبما يسمى ميزاته التفاضلية بحيث ما عدنا نرى تدفقاً مالياً، وصرنا نصوّب على المصارف المفترض أن تكون جاذبة للاستثمارات وهذا ما خلق شعوراً بالازمة من دون وجود مخارج في الافق، وهم اصلاً فئات غير متعصبة وهنا كانت المفاجأة بأنهم اجتمعوا في ساحات واحدة موحدة”، وهو ما رآه السنيورة “منعطفاً أساسياً في تاريخ لبنان لم يجر منذ تأسيسه، وكان من شأنه الاطاحة بتلك التسوية بين “حزب الله” وعون كمسيحيين وشيعة لكونها فقدت شرعيتها الشعبية”.

 

ولكن ماذا عن الازمة المالية هل انتفت حظوظ الخروج منها؟ يقول: “من دون شك فإن الوضع المالي صعب ودقيق لكن يمكننا الخروج من الازمة إذا غلّب المسؤولون لغة العقل، والمطلوب من رئيس الجمهورية أن يتصرف كرئيس للجمهورية وليس كرئيس بلدية”.