Site icon IMLebanon

السنيورة يدين قباني باختلاس وقف العلماء

من «الواتساب» علم الشيخ محمد رشيد قباني ووكلاؤه القانونيون، مساء أمس، بإصدار قاضي بيروت الشرعي الشيخ محمد عساف حكمه القضائي في قضية وقف علماء المسلمين. وصلهم، مثلما وصل لكثيرين من مشايخ السنّة والشخصيات المحسوبة على قباني وعلى خصومه، صورة الورقتين الأخيرتين من الحكم الذي يقع في عشرين صفحة، وفيهما قرار عساف، بعد استعراض حيثيات القضية، بـ»إلزام المدّعى عليه الشيخ قباني بأن يعيد لمتولي وقف علماء المسلمين السنّة مبلغاً وقدره مليون وخمسمئة وتسعون ألفاً وخمسون دولاراً أميركياً».

في الختام، يشير القاضي إلى أن الحكم الوجاهي القابل للاستئناف «صدر وأفهم علناً حسب الأصول بتاريخ التاسع عشر من كانون الثاني». حاولت «الأخبار» الاستفسار من أوساط وكلاء الدفاع عن قباني، فتبيّن أنهم لم يتسلموا الحكم بعد وفق الأصول القانونية، مشيرين إلى أنه وزّع خارج الدوام الرسمي.

مهما كانت صيغة إصدار الحكم، وإن كان لها دلالة، فإن الأهم أن القضاء أدان قباني في الدعوى التي تحركت بوجهه في عز خلافه مع تيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة تحديداً. في أيلول 2013، تقدم خمسة مشايخ بدعوى محاسبة متولي ضد قباني في محكمة بيروت الشرعية، منهم الشيخان همام الشعار وحسام الغالي، حول صندوق وقف علماء المسلمين. الخمسة اتهموا قباني بهدر ما قيمته حوالى مليون ومئة ألف دولار أميركي. هذا المبلغ تجمّع من قيمة ما دفعه قباني من الصندوق للمهندس رشيد ت. (شريك نجله راغب) لتخليص معاملات وتراخيص من نقابة المهندسين تعود لعقارات اشتراها قباني لمصلحة الأوقاف الإسلامية، منها عقار في منطقة الكولا لبناء جامعة، والعقار الذي يشيّد فوقه مسجد الإمام الشافعي في بيروت. كذلك تجمع أيضاً من مبالغ دفعت لراغب لزوم صيانة مبنى أزهر عرمون. تلك المبالغ تبين أنها «زائدة عن المبلغ المطلوب وتضاعف جزء منها من حوالى 300 ألف دولار إلى أكثر من 800 ألف». وطالبوا أيضاً بعزله ومحاسبته «على خيانته للوقف وسوء أمانته وتبديده أموال وقف العلماء وإثبات تعدّيه ومن ثم عزله وإلزامه بإعادة الاموال المهدورة البالغة قيمتها حوالى مليون و195 الف دولار، ودفع بدل عطل وضرر للوقف يعادل القيمة المبددة». اللافت أن المبلغ الوارد في الحكم يزيد على المبلغ الوارد في الدعوى بحوالى أربعمئة الف دولار، علماً بأن صندوق وقف العلماء هو أحد الصناديق الثلاثة التابعة لدار الفتوى؛ أوّلها صندوق الدار التابع لرئاسة مجلس الوزراء، وثانيها صندوق الأوقاف المرهون بقرار المجلسين الشرعي والإداري، وثالثها صندوق وقف العلماء الذي أسّسه المفتي الراحل الشيخ حسن خالد كصندوق تجمع فيه الهبات والمساعدات وتخصص لمساندة المشايخ والتوظيف خارج الملاك والمشاريع… صندوق الوقف هذا يشكل رأسمال مفتي الجمهورية المادي والمعنوي، لأنه الوصي عليه.

عند رفع الدعوى، تردّد أن المستقبل يقع خلفها. شائعات باتت أكثر واقعية مع توالي ثلاثة مشايخ من الخمسة بسحب الدعوى (آخرهم كان الغالي). مصادر مواكبة أشارت إلى أن المشايخ «لمسوا تدخلاً واضحاً من السنيورة في مسار الدعوى واستثمارها في خلافه مع قباني».

بالنسبة إلى الحيثيات القانونية للقرار، لم يستطع وكلاء قباني شرحها بسبب تسريب جزء منه عبر «الواتساب» قبل الاطلاع عليه. لكن في التقدير الأولي، فإن محاسبة المتولي «تقتضي إثبات السرقة أو سوء الإدارة». فهل أثبت القرار أحد الشرطين على قباني؟ في كل الأحوال، يتجه الوكلاء إلى استئناف القرار بعد دراسته. وإذا صدق الاستئناف على قرار عساف، يمكنهم أن يتوجهوا لنقضه أمام محكمة التمييز، علماً بأن حكم عساف سبقه حكم من قريبه القاضي الشرعي الشيخ أحمد عساف، أواخر أيلول 2013، بكفّ يد قباني عن الوقف.

وتشير المصادر إلى أن السنيورة «أوعز إلى عساف بإصدار حكمه سريعاً ضد قباني، على أن يكافئه في المقابل بتعيينه رئيساً للمحكمة الشرعية العليا خلفاً للرئيس الحالي الذي يحال إلى التقاعد مطلع شباط المقبل». لكن لماذا الآن؟ بحسب المصادر، يحاول السنيورة مواجهة إعادة لمّ الشمل التي يقودها نائب رئيس المجلس الشرعي الأعلى المستقيل، ماهر صقال، لأعضاء المجلس ولشخصيات سنية شمالية وبيروتية وجنوبية، لتشكيل إطار عمل وطني جديد.