IMLebanon

السنيورة يتمدّد في صيدا: أين (صوت) الناس؟

من دون انتباه، تتسارع التحولات في صيدا، اقتصادياً وعمرانياً واجتماعياً. كلها تنحو بعيداً عن صيدا الفقراء والصيادين والباعة المتجولين. في «نيو صيدون» واجهة بحرية للأثرياء وميناء لليخوت وهدم لبلدية معروف سعد. الرئيس فؤاد السنيورة، أبرز واضعي الأفكار. أين القوى الوطنية التي نازلت قوى السلطة في الانتخابات البلدية الأخيرة؟

آخر قرارات المجلس البلدي لصيدا، تغيير التصنيف ورفع نسبة الاستثمار في جنوب المدينة. العقارات الشاغرة بمعظمها من حي الدكرمان إلى شارع مصطفى سعد، حتى دوار الحسبة نزولاً إلى سينيق والمدينة الصناعية والواجهة البحرية الجنوبية، شملها القرار.

يقول رئيس البلدية محمد السعودي إن الدافع لتغيير التصنيف «الاستفادة من العقارات الشاغرة بعدما امتلأت العقارات في قلب المدينة بالعمران والاستثمارات، سعياً لتنميتها ورفع الإهمال عنها ونقل العمران والاستثمارات إليها». قبل البلدية، وصل نائب المدينة الرئيس فؤاد السنيورة إلى تلك النواحي المنسية. كعادته، تعقب خطى معلمه الرئيس رفيق الحريري الذي كان يملك مساحات واسعة، قبل أن يبيعها ورثته. السنيورة وشريكه رجل الأعمال محمد زيدان اشتريا عدداً منها. السعودي نفسه كان قد اشترى عقارات عدة منذ سنوات. سريعاً، بدأ الشريكان بالاستثمار. ورشة ضخمة تجري قبالة أنقاض جبل النفايات، يتردد أنها مشروع تجاري. في كل مناسبة، يفاخر السنيورة بأن الفضل يعود له بإنشاء المرفأ التجاري الجديد عند الواجهة البحرية الجنوبية. ولأنه أبو المشروع، فإنه يملك الرؤية المستقبلية الشاملة له. رؤية وضعها الحريري أواخر السبعينيات عندما اقترح إنشاء مرفأ عند حدود سينيق يلبي احتياجات النقل والترانزيت بين لبنان والأردن، ثم الخليج عبر جبل الشيخ. تكملة المشروع، إنشاء ميناء لليخوت. قبالته، بدأ السنيورة بشراء بعض المباني السكنية القديمة العهد. معظم سكانها من المستأجرين القدامى. «دفع لهم خلوّاً وأمّن لهم شققاً صغيرة بديلة في مجدليون» بحسب أحد المستأجرين. المفاوضات جارية مع الجيران. والهدف «هدم المباني وتشييد تجمعات سكنية وتجارية وسياحية فارهة». التحولات تشمل أيضاً وسط المدينة. المخطط الخاص بساحة النجمة ومحيطها يقضي بنقل موقف الباصات من عقار للحريري إلى عقار مجاور (زيدان اشترى العقارين). أما مبنى البلدية الذي شيده الشهيد معروف سعد في الستينيات خلال رئاسته المجلس البلدي، فالمخطط يقضي بهدمه وإنشاء مواقف للسيارات.

مع بدء تنفيذ مشروع الضم والفرز في شرقي الوسطاني، ستنكشف تحولات جديدة. السنيورة يواكب وضع اللمسات الأخيرة على هندسة الأحياء الجديدة التي يملك فيها عقارات عدة. مشروع إنشاء فندق صيدون بجوار الملعب البلدي متوقف منذ خمس سنوات، برغم تكليف عزت قدورة ببناء الفندق ومجمع تجاري. تردد بأن عين السنيورة على المشروع لربطه مع مشروع سياحي مزمع إنشاؤه عند الكينايات على ضفاف نهر الأولي. وكان لافتاً تكريس مصطلح SAIDA Water front على الجهة الخلفية للملعب عند إطلاق المهرجانات الدولية التي ستنظم فيه الشهر المقبل. فضلاً عن التفريغ المتعمد لمستشفى صيدا الحكومي في مقابل دعم المستشفى التركي.

لا يستغرب مؤيدو آل الحريري في مسقط رأسهم «طحشة» السنيورة على صيدا، منافساً زميلته بهية الحريري، ما أثار خصومة تطفو وتخبو نسبياً. وفي وقت انشغال الحريريين بأزماتهم السياسية والمالية، لعب السنيورة في المكان الفارغ. أكثَرَ من تدخله في تفاصيل السوق التجاري ومعمل فرز النفايات، وصولاً إلى تلويح شريكه زيدان بالترشح لرئاسة البلدية.

مع ذلك، يبدو المشهد أحادياً في صيدا. أين أبطال المعركة البلدية قبل ثلاثة أشهر الذين تعهدوا بأن يكونوا بلدية ظل؟ بعد غياب، ظهرت لائحة «أحرار صيدا» الإسلامية (حازت 10 في المئة من أصوات الناخبين) الأربعاء الفائت في مكتب السعودي. زارته لمناقشة أزمة الكهرباء والمياه والطرقات واستحداث مستديرات وإعادة تشغيل إشارات ضوئية وتأهيل مسبح القملة وتوسيع ملاك الشرطة وفوج الإطفاء. وعد «الأحرار» بمواصلة التحركات ميدانياً ومع البلدية. أين لائحة صوت الناس (حازت 30 في المئة من الأصوات؟). في حديث سابق مع «الأخبار»، تعهّد عرابها رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد بأن «الاعتراض النظري أصبح من الماضي وحان وقت العمل من البلدية أو من خارجها»، مؤكداً أننا «لو خسرنا كلياً سوف نستمر بصيغة مناسبة ضمن لجان التغيير ومراقبة عمل البلدية».

بالنظر إلى ميدانيات «صوت الناس»، اقتصرت على أمسية رمضانية في صيدا القديمة وزيارة تضامنية لموظفي مستشفى صيدا الحكومي. افتراضياً، لم تنشر صفحتها على «الفايسبوك» أي جديد منذ مطلع الشهر الجاري. ما نشرته سابقاً احتفالية باعتصامات مطلبية نفذت منذ سنوات وانتقادات عامة لأداء البلدية وإدارة معمل النفايات وتصريف المياه المبتذلة نحو الشاطئ. تركز على أزمة الكهرباء (رئيسها بلال شعبان مهندس كهربائي)، وتعد بطرح مخططها لتنظيم عمل المولدات الخاصة. عبر الرسائل الهاتفية والمقالات على المواقع الصيداوية، ينشر عضو «صوت الناس» فؤاد الصلح بشكل شبه يومي مقالات عن شؤون صيداوية؛ منها تأخر تسليم سندات التمليك في تعمير عين الحلوة وبحر العيد وفندق صيدون.

«عملياً، لا شيء جديد» يقول سعد. ماذا ينتظرون؟ يربط هيكلية العمل الجديدة لـ»صوت الناس» بتغييرات داخلية في التنظيم الشعبي الناصري. «الحيوية تراجعت بعد انتهاء الانتخابات التي أحدثت استنهاضاً للقواعد الشعبية. المواطنون والحزبيون منهم، يعودون للروتين بالتعامل مع ملفات الفساد والأزمات ومعالجة بعضها باتصال مع مسؤول في شركة الكهرباء أو المياه أو واسطة لتوظيف أحد ما». يقر سعد بأن «الكادر التنظيمي يحتاج إلى تعبئة مجدداً لأن ساحتنا في الشارع ومعركتنا مع قوى السلطة خسرانة». على جدول أعمال «صوت الناس» اجتماعات أسبوعية وتشكيل لجان مختصة بالكهرباء والمياه والأشغال والتربية… أين موقعهم من التحولات الصيداوية؟

«ليس موقعنا انتزاع شيء من قوى السلطة. نحن لا نجيد أسلوب العلاقات السياسية والشخصية. معركتنا مع الطبقة الفاسدة تبدأ من تحت إلى فوق». هذا الأسلوب عزل التنظيم في مقابل تشارك تيار المستقبل والجماعة الإسلامية وحلفائهما بتحاصص المقدرات والاستثمارات. ماذا يفعل لمواجهة التحولات؟ «بدنا نوقف». كيف؟ «في الشارع».