Site icon IMLebanon

السنيورة «طيّر» عائدات الخلوي… والسرية المصرفية في خبر كان

كان الرئيس فؤاد السنيورة «نجم» الجلسة التشريعية أمس. صال وجال وهدّد في ميدان المال العام، الأحبّ الى قلبه. لكنه، بحسب مصادر نيابية، «فاجأ الجميع. ففي العادة، كان يغطي مواقفه السياسية بطروحات علمية. إلا أنه هذه المرة كان مفضوحاً، حتى في الاقتراحات المالية، عندما ابتعد عن مناقشة المعايير المالية ودخل في مفاصلات ومبازرات»!

عملياً، طيّر السنيورة قانون تحويل عائدات الخلوي الى البلديات الذي قاد التيار الوطني الحر حرباً لإدراجه على جدول الأعمال، مؤكداً أن «الاتفاق بين القوات والوطني الحر لا يعنينا». مصادر التيار الوطني الحرّ لم تفاجأ بموقف السنيورة، مشيرة الى أن الاتفاق على تمرير هذا القانون جرى مع الرئيس نبيه بري، «وعلمنا من القوات اللبنانية مسبقاً أن المستقبل قد لا يمشي فيه». وبدت المصادر راضية بتعهّد رئيس الحكومة تمام سلام التعويض معنوياً على التيار عبر تمرير القانون بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء.

قبل ذلك، أجهز مجلس النواب على قانون السرية المصرفية الذي أُقرّ في أيلول 1965 وجعل من لبنان «سويسرا الشرق»، تحت وطأة الضغوط الدولية.

ابتعد السنيورة

عن مناقشة المعايير المالية ودخل في مفاصلات ومبازرات

ورغم التعديلات على «مشروع قانون نقل الأموال عبر الحدود» و«مشروع قانون تبادل المعلومات الضريبية» و«مشروع قانون تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال»، ورغم النقاش الكثير، سلكت هذه القوانين مسارها الى الإقرار، بعدما وجدت من يدافع عنها بشراسة غريبة! وفي مقدّمة هؤلاء الوزير بطرس حرب الذي دعم موقفه بحجّة أن «هذا القانون تحوّل سلاحاً ضد عنصر الازدهار، وأن إقرار هذه القوانين سيجنّب لبنان قيوداً تقضي على البحبوحة التي يتمتّع بها القطاع المصرفي، وسيدخل لبنان إلى الحركة المالية الدولية». في صريح العبارة، قالها حرب: «ما قام به ريمون إده لم يعُد صالحاً». قانون السرية المصرفية الذي اعتبره النائب أنور الخليل «الأكثر فعالية من كل القوانين المالية»، كان لا بد له من أن يلقى حتفه بالنسبة إلى الرئيس السنيورة، لأن «الظروف السياسية في المنطقة العربية تغيّرت». وبالنتيجة، أقرّت القوانين بتعديلات بسيطة على بعض موادها، بعد جهود بذلها نواب حزب الله والتيار الوطني الحر. ففي قانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، عُدّلت المادة الرابعة التي تفرض على السلطات الجمركية إنشاء قاعدة معلومات إلكترونية تحفظ فيها التصاريح والإفصاحات والمحاضر. في هذه النقطة، رفض بعض النواب إعطاء السلطة الجمركية وحدها صلاحية التصرف بهذه البيانات، وتم الاتفاق على إعطاء هيئة التحقيق الخاصة صلاحية الولوج المباشر إلى قاعدة البيانات التي أضيفت إليها صفة السرّية. وهذه الهيئة تتبع لمصرف لبنان ويرأسها الحاكم رياض سلامة، ويُمكن لها أن تفصح عن هذه البيانات لإحدى الدول في حال كان الأمر يتعلّق بأشخاص ملاحقين من هذه الدول! ولما كان المجلس الأعلى للجمارك يفتقر الى مدير عام، لم يتردد السنيورة في الطلب إلى وزير المال بمخالفة الدستور، وتكليف أحد أعضاء المجلس بعضوية هذا المنصب، إلا أن الوزير خليل رفض المخالفة، ولا سيما أن «التكليف يصح مع الموظفين في الدرجة الثانية والثالثة لكن المدير العام يملك صلاحيات القبول والتعطيل، وهذه نقطة حسّاسة».

أما «مشروع قانون تبادل المعلومات الضريبية» الذي يحمل في طيّاته تداعيات غير مدروسة على ما ظهر في مناقشات الجلسة، فقد تم تعديل المادة الأولى منه، بسحب الإجازة من وزير المال لعقد أو الانضمام إلى اتفاقات ثنائية أو متعدّدة الأطراف لتبادل المعلومات المتعلّقة بالتهرب الضريبي. فأعطيت الإجازة للدولة اللبنانية وفق الأصول التشريعية.

أما في مادته الثانية، فيجب أن يستند طلب المعلومات إلى حكم مبرم بتجريم المستعلم عنه (والمستعلم عنه بحسب هذا القانون يمكن أن يكون يحمل الجنسية اللبنانية، ومعها جنسية أخرى) بالتهرب الضريبي، وأن يتضمن هذا الطلب وقائع جديّة أو قرائن على ارتكاب المستعلم عنه جرم الاحتيال، فقد أقرت من دون تعديل، علماً بأن لبنان لا يمكن له التأكّد مما إذا كانت هذه القرائن دقيقة، ما دام غير عارف بتفاصيل ملف التحقيق في الخارج، وهذا يعني أن التساهل في إعطاء المعلومات سيؤدي عملياً إلى رفع السرية المصرفية عند ورود أي طلب من هذا النوع، وخصوصاً أن هيئة التحقيق الخاصة يمكن لها أن تبلّغ قرارها إلى السلطة الأجنبية مباشرة. أما مشروع قانون مكافحة تبييض الأموال، الذي وسّعت مادته الأولى نطاق الأموال غير المشروعة بشكل لافت، لتشمل 21 جريمة جديدة بدلاً من الجرائم السبع الأساسية المنصوص عليها في القانون الحالي، والذي قد يفتح الباب أمام ملاحقات عديدة تؤثر على أموال المغتربين وتحويلاتهم. ونصت المادتان الخامسة والسابعة من المشروع على أنه يتعيّن على المحاسبين المجازين وكتّاب العدل ومفوّضي المراقبة تطبيق موجبات الحيطة والحذر عند إعدادهم أو تنفيذهم عمليات تتعلّق ببيع وشراء العقارات أو إدارة أموال العملاء أو إدارة الحسابات المصرفية إلخ، وإبلاغ هيئة التحقيق الخاصة. فقد تمّ تعديل نصوصها بأن هذه البلاغات تتم مع مراعاة القوانين اللبنانية ذات الشأن. كذلك تم تعديل النصوص التي تتحدّث عن حصر إجراء التدقيق والتحليل بالهيئة الخاصة، وتم اعتماد النص الذي يجيز تحويلها إلى مدّعي عام التمييز لبتّها خلال ثلاثة أشهر.