IMLebanon

السّنيورة في أميركا: الحذر واجب!

تحت «غطاء أكاديمي»، يزور الرئيس فؤاد السنيورة الولايات المتحدة، لكنّ لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين ستتطرّق، بحسب مصادر مطّلعة إلى العقوبات على حزب الله، والى الترويج لنفسه «شخصية سنية معتدلة ووازنة»

الرئيس فؤاد السنيورة في الولايات المتحدة. طبيعة الرجل وطبيعة الوجهة، للوهلة الأولى، تُثيران الريبة، لكن من «الظّلم» تحميل الزيارة أكثر مما تحتمل. فالمُعلن أن زيارة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية لإلقاء مُحاضرات في مؤسسة «كارنيغي» وجامعة «تافتس»، على أن تتضمّن لقاءات مع مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأميركية.

حتى هنا، ورغم «النقزة الفطرية» من السنيورة، يُمكن وضع الزيارة في السياق الأكاديمي والسياسي الطبيعي.

لكن من يقف خلف دعوة السنيورة، وما ينقله المطلعون عن قرب على أجوائه من كلام أسرّ به إلى دائرة ضيقة جداً خلال زيارة الوفد النيابي اللبناني إلى واشنطن الشهر الماضي، سُرعان ما تستدعي الريبة وتعزّزها، إذ يؤكد هؤلاء أن للزيارة «طابعاً شخصياً يتعلّق بتسويق السنيورة لنفسه وأفكاره»، و«طابعاً سياسياً يتعلّق بالعقوبات الأميركية الأخيرة على حزب الله». وهنا بيت القصيد.

يؤكّد سياسي بارز أن لقاءات رئيس الحكومة السابق مع مسؤولي الخزانة الأميركية ستركّز في شكل أساسي على هذه العقوبات. ويرسم السياسي نفسه علامة إستفهام كبيرة حول هذه اللقاءات، مستعيداً الضغوط التي مارسها السنيورة على نائبي المستقبل محمد قباني وباسم الشاب اللذين كانا في عداد الوفد النيابي الذي زار واشنطن للبحث في العقوبات الأميركية. ويؤكّد السياسي، الذي شارك في بعض لقاءات الوفد النيابي اللبناني واطلع على مراسلات السنيورة مع قباني والشاب، أن رئيس كتلة المستقبل «أبدى أكثر من مرّة إمتعاضه من هذه الزيارة». وهو طلب، صراحة، وأكثر من مرة: «لا تُدافعوا عن حزب الله ولا تناوروا لرفع العقوبات عنه». وحث النائبين البيروتيين على التّحدث «بصفتهما عضوين في تيار المستقبل لا نائبين في المجلس، وكان يبحث عن أي وسيلة تعود عليه بالفائدة».

الدّعوة من شخصيات «أكاديمية» مناهضة للمقاومة والبحث سيتطرق الى العقوبات على حزب الله

ويزيد من منسوب الريبة أن دعوة السنيورة من جامعة «تافتس» جاءت من صديقه الباحث اللبناني نديم شحادة (مدير مركز فارس لدراسات شرق المتوسط في الجامعة) المعروف بعدائه لحزب الله ودمشق وطهران. وتزامنت مع دعوة أخرى من نائب رئيس وحدة الدراسات في معهد كارنيغي مروان المعشّر. والأخير كان سفيراً للأردن في إسرائيل، بعدما شارك في المفاوضات التي اجريت بين بلاده وكيان العدو، وأدى دوراً رئيسياً في الترويج لمبادرة السلام العربية عندما كان وزيراً لخارجية الأردن. وخلال عمله سفيراً للأردن لدى الولايات المُتحدة وُقعت أول إتفاقية تجارة حرّة بين أميركا وبلد عربي (الأردن).

بالنسبة إلى السياسي اللبناني الذي أقام في الولايات المتحدة لفترة طويلة، وهو على معرفة وثيقة بطريقة تفكير هذه الشخصيات وإدارتها للسياسة، ليست هذه التفاصيل صغيرة أو هامشية، ولا سيما إذا ما ارتبطت بتوقيت الزيارة. إذ يلفت الى أن «الدعوات أتت بعد مرور وقت طويل لم يزُر فيه الرئيس السنيورة الولايات المُتحدة، ومع بدء العد العكسي للإنتخابات الأميركية والتغيير الذي سيطرأ على السياسات الخارجية لإدارتها الجديدة». ويؤكّد المصدر أن «الزيارة لم تحصل بالتنسيق مع رئيس تيار المستقبل» سعد الحريري. لكن السنيورة رأى فيها «فرصة له». وبعدما أقنعه أصدقاؤه بأن الإدارة الأميركية عادت الى الإهتمام جدياً بالملف اللبناني، قرّر إعادة التركيز على خط التواصل مع الأميركيين في هذه اللحظة الدقيقة، لأسباب عدة. أولها، بحسب المصدر «تكوين فكرة عامّة عن نظرة الأميركيين إلى المنطقة». ثانيها «التأكد من وضع الإقتصاد اللبناني»، وثالثها، والأهم، «الترويج لنفسه كشخصية سنية وازنة في لبنان، مما يُساعده على العودة إلى الحكومة من باب حل معضلة الشغور الرئاسي»، دون إغفال إحتمال أنه «يكيد لحزب الله المكائد من قناة العقوبات»… وهو أمر ليس بجديد عليه!