«ليس صحيحاً أن الأقوى موجود في رئاستي المجلس والحكومة»
السنيورة: هذه أسبابنا لرفض انتخاب عون
إذا كان الحوار سينطلق – وفق تراتبية جدول الأعمال – من بند رئاسة الجمهورية، فإن الخشية هي أن تكون البداية منه.. والنهاية عنده.
تتعامل قوى «14 آذار» مع الاستحقاق الرئاسي باعتباره خط الدفاع السياسي المتقدم في مواجهة «محور حزب الله – ميشال عون وامتداداته الخارجية»، وبالتالي فهي لا تبدو مستعدة لأي تراجع مجاني في الوقت الحاضر، ربطاً باعتبارات مركبة، بعضها محلي ويتعلق بالمصالح المباشرة لهذا الفريق في الداخل، وبعضها الآخر خارجي ويتصل بضرروات التناغم مع استراتيجية الحليف الاقليمي الذي لا يزال يواصل حربه في اليمن، ولم يصبح جاهزا بعد للحوار والتفاهم مع ايران حول الملفات الخلافية في ساحات المنطقة، ومنها لبنان.
وبينما يشارك تيار «المستقبل» في طاولة الحوار تحت سقف «الرئاسة أولا»، يؤكد ممثله على الطاولة، الرئيس فؤاد السنيورة، أن انتخاب رئيس الجمهورية هو الممر الإلزامي للخروج من النفق الحالي، لافتا الانتباه الى ان وجود الرئيس يسمح بإصابة العديد من الأزمات بحجر واحد، وهو بمثابة «الشيفرة» التي لا يمكن من دونها فتح خزنة الحلول المتصلة بالملفات المطروحة على جدول أعمال الحوار.
ويعرب السنيورة عن اعتقاده أن التوافق على الرئيس يمكن ان يكون «صناعة وطنية»، إلا إذا كان البعض يعطي الأولوية لمآربه الخاصة أو لارتباطاته العابرة للحدود.
ويرى السنيورة أن بعض الجهات المسيحية التي توحي بالحرص على صلاحيات رئيس الجمهورية وتتهم الآخرين باستهداف تلك الصلاحيات، إنما هي التي تضربها عندما تستسهل حسم الكثير من الأمور في ظل غيابه، والمفارقة أن ما تخشى منه تلك الجهات تقع فيه طوعاً، وتذهب اليه بأقدامها.
ويلفت الانتباه الى أن رئيس الجمهورية يمثل «القوة الناعمة»، التي يفترض بها أن تكون قادرة على الحزم والجمع في وقت واحد.
ولمزيد من التوضيح، يشرح السنيورة وجهة نظره مستعيناً بـ «أداة قياس» مالية، لافتا الانتباه الى أنه في عالم المال تقبل راتبك الذي هو مجموعة أوراق نقدية لإدراكك أنك تستطيع في مقابل هذه الأوراق الحصول من الآخرين على الخدمات والسلع، وهذه معادلة تختصر في الاقتصاد بالآتي: النقود تُقبل لأنها مقبولة.
وانطلاقاً من هذه المقاربة، يعتبر أن رئيس الجمهورية حتى يُقبل يجب أن يكون مقبولا، ليس فقط من طائفته بل من المكوّنات الاخرى ايضا، بحيث يكون عابراً للطوائف والمذاهب وقادراً على التقريب بين المبتعدين، وصولا الى استقطاب الجميع نحو أرضية مشتركة.
ويشدد السنيورة على أن شرط «القوة التمثيلية» لا يكفي لانتخاب رئيس الجمهورية، بل يجب أن يتحلى الرئيس المفترض بعناصر قوة من نوع آخر أيضا، كالحكمة والدراية والقدرة على القيادة.
لا يبدو السنيورة مقتنعاً بالنظرية القائلة بأن من حق المسيحيين أن يأتوا الى رئاسة الجمهورية برئيس قوي، تماما كما أن الشيعة يتمثلون في رئاسة مجلس النواب بالقوي، والسنّة يتمثلون في رئاسة الحكومة بالقوي.
أصلا، لا يعتقد السنيورة أن هذه المعادلة تطبق عملياً، «لأنه لو أردنا تطبيق معيار الأقوى بحذافيره، لوجب أن يكون حزب الله في رئاسة المجلس والرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة..».
ويؤكد السنيورة أن رفضه وصول عون الى رئاسة الجمهورية لا ينبع من قرار مزاجي، وليست هناك من قضية شخصية معه، بل لدينا أسبابنا السياسية التي تجعلنا غير مقتنعين بانتخابه رئيساً.
ويلفت السنيورة الانتباه الى ان فلسفة وجود «التيار الوطني الحر» تستند الى الدفاع عن السيادة والاستقلال، فأين هو حاليا من مثل هذه القيم الوطنية؟ ويضيف: نعم.. لقد ساهم «التيار» مع آخرين في استعادة السيادة والاستقلال، ولكن هل حافظ عليهما وهل صان هذا الإنجاز؟
ويشدد السنيورة على أن المطلوب في نهاية المطاف التلاقي حول رئيس توافقي يوفق بين اللبنانيين ولا يكون عاملا من عوامل تفرقهم، «وتيار المستقبل منفتح على كل الخيارات التي يمكن أن تسلك هذا الاتجاه».