فيما كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله يتحدث خلال الاحتفال التكريمي في ذكرى أسبوع عميد الأسرى المحررين سمير القنطار، كان رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة يحيي الذكرى الثانية لاستشهاد محمد شطح، في مشهدية رمزية عكست الاختلاف الحاد في المقاربات السياسية للأولويات لدى فريقي الصراع في لبنان.
في حين كان نصرالله يتوجه بالتهديد والوعيد لإسرائيل بالرد الحاسم على اغتيال القنطار، مبرزاً الاولوية التي يوليها حزبه لهذه المسألة على حساب أي ملف داخلي آخر، ومسلطاً الضوء مجدداً على الدور المقاوم للحزب، بعد أعوام على التورط في المستنقع السوري، كان السنيورة يشد أزر فريق الرابع عشر من آذار ويعيد الحرارة إلى أركانها وقياداتها بعد برودة وتصدعٍ، في رد مباشر على المشككين في انفراط عقد الحركة الاستقلالية، ولا سيما بعد الكشف عن التسوية الرئاسية الاخيرة التي أبعدت بين الحلفاء وقربت بين الخصوم.
وجاء حضور رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الاحتفال، ليصب في تعزيز هذا التوجه والحرص على التأكيد أن ما يجمع التحالف الآذاري يفوق التسوية المشار اليها، إنطلاقا من المبادىء والثوابت التي قامت عليها وقدمت من أجلها الشهداء، وللتشديد على أن هذه القضية لم تنته بعد وما يجمع الحلفاء أكثر مما يفرقهم.
لكن هذه المشهدية، على أهميتها في مد الجسم الآذاري بالروح والزخم، لا تغيٓر في المناخ السياسي العام السائد ولا ترسي أساساً جديدا في مقاربة طرح ترشيح النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية.
فالمبادرة التي دخلت عمليا مرحلة من الجمود، لم تسقط ولم تحرق إسم فرنجيه، كما توقعت بعض الاوساط السياسية، بل تنتظر إنضاج الاتصالات الداخلية والمفاوضات الجارية حول بقية بنود التسوية، والتي لا تشكل الرئاسة إلا بندا منها، وذلك في الوقت الضائع في انتظار اتضاح المشهد الإقليمي الذي سيشهد خلال الشهرين المقبلين محطات مهمة تبلور مسار الأمور.
فمن بدء التطبيق العملي للإتفاق النووي، ولا سيما في الشق الأهم بالنسبة الى طهران والمتعلق بالرفع التدريجي للعقوبات المالية والاقتصادية إعتبارا من كانون الثاني المقبل، الى انعقاد مؤتمر جنيف ٣ في ٢٥ كانون الثاني المقبل، وصولا الى زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني لباريس، تطورات من شأنها أن ترسم ملامح التسوية المرتقبة بالنسبة الى الوضع اللبناني الداخلي، وتحدد مصير ترشيح فرنجيه الذي ارتقى من تأييد مبطن من زعيم تيار “المستقبل” الى الخيار رقم ٢ لـ”حزب الله” بعد خياره الثابت الرقم واحد المحصور بالعماد ميشال عون. وهذا ما يعني بحسب المصادر السياسية المطلعة أن ترشيح فرنجية سيكون الخيار البديل لعون بعدما أسقط قبول الحريري بفرنجيه رئيساً، خيار الرئيس التوافقي. ذلك ان عودة الحريري الى رئاسة الحكومة تفترض رئيسا للجمهورية من قوى ٨ آذار. أما الرئيس التوافقي فسيقابل برئيس للحكومة وسطي، وهذا الامر ليس مطروحا ولن يكون مقبولا في أوساط ١٤ آذار و”المستقبل” تحديداً.
وعليه، لا تستبعد المصادر السياسية ان تطول مرحلة المراوحة السياسية للأسابيع المقبلة.
وإذا كانت عطلة الأعياد ستعزز حال المراوحة الى ما بعد رأس السنة، فإن المصادر السياسية لا تخفي قلقها من تداعيات كلام الأمين العام لـ”حزب الله” في الموضوع المالي، خصوصا أن الحزب تلقف الرسالة الأميركية القاضية بفرض عقوبات صارمة عليه، والتي ترمي الى تضييق الخناق عليه من خلال سياسة “القوة الناعمة”، كما وصفتها، كاشفة أن الحزب أدرك أنه بات مكشوفاً مالياً كما بات كل من يدور في فلكه في حال الانكشاف عينها.
ورغم الرسالة القاسية التي وجهها الى المصارف بعدم الانصياع الى الإرادة الأميركية، فإن المصارف تعتزم القيام بتحرك استباقي منعا لأي ارتدادات سلبية عليها، ذلك أن تلك التي تخضع أساسا لقانون النقد والتسليف وللسلطة النقدية المستقلة التي يمثلها المصرف المركزي لا يمكنها الخروج عن القوانين الدولية التي تخرجها من النظام المالي العالمي.