بعد 35 عاماً من القطيعة اجتمع رئيس الوزراء البريطاني ديڤيد كاميرون مع رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيخ حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.
نعم، بعد 35 عاماً، إنّها المرة الأولى التي يتم فيها اجتماع بين القيادة البريطانية والرئاسة الإيرانية! وصدر عقب الاجتماع بيان لرئيس الحكومة البريطانية يقول فيه إنّ مشاركة إيران مع التحالف ستساعد على حل المشكلة في العراق وسوريا، أي ستساعد على الخلاص من «داعش».
يبدو أنه قد انتهى عصر الدهاء والذكاء في السياسة البريطانية التي كان يُضرب بها المثل للمملكة التي كانت لا تغيب الشمس عن أراضيها، فالأراضي ذهبت والشمس غابت وأخذت معها كل الدهاء الانكليزي واضمحلت العقول!
فهل تجهل بريطانيا أنّ المشكلة الكبرى بعد الاحتلال الاسرائيلي في العالم العربي هي إيران والمشروع الإيراني؟
إذ منذ قيام نظام آية الله الخميني، نظام الملاّلي، في إيران بدأت المشاكل في العالم العربي بين أهل السُنّة والشيعة، لأنّ النظام الإيراني الجديد يريد أن يشيّع العالم العربي.
وبدأت إيران بالحرب ضد العراق لأنّها تريد تصدير الثورة الدينية أي التشيّع، واستمرت هذه الحرب لمدّة 8 سنوات (من العام 1980 الى العام) 1988 فاستنزفت فيها الدولتان بخسائر قدرت بألف مليار دولار، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى، ودمار البلدين.
قبل قيام النظام الايراني ومشروع التشيّع وولاية الفقيه لم يكن أحد في العالم العربي يعرف من هو سنّي ومن هو شيعي، أمّا الآن فأصبحت هذه المشكلة في العالم العربي كله، ابتداءً من البحرين، الى المملكة العربية السعودية في المنطقة الشرقية، الى لبنان الى اليمن (الحوثيون) وتحريضهم على النظام القائم، الى السودان الى مصر وإلى العراق خصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
إنّ المستفيد الوحيد مما يجري اليوم ومنذ بداية «الربيع العربي» أو الأصح منذ صحوة الشعوب العربية ومطالبتها بتغيير الأنظمة بشكل ديموقراطي كما جرى في تونس أولاً ثم في مصر وبشكل سلمي الى حد ما، ثم في ليبيا ولكن للأسف فإنّ المجرم معمّر القذافي رفض انتقال السلطة إلاّ بعد تدمير ليبيا حيث لقي مصيره فقتل بطريقة بشعة.
وأمّا في سوريا، فإنّ الدعم الذي يتلقاه الظالم بشّار الأسد من النظام الإيراني غير محدود، وزاد الأمور تعقيداً قرار قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري قاسم سليماني بتدخّل «حزب الله» في الأزمة السورية ما أدّى لانعكاسات سلبية جداً على لبنان وصولاً الى منع اللبنانيين من انتخاب رئيس للجمهورية منذ أكثر من أربعة أشهر لأنّ «حزب الله» لا يريد إلاّ مرشحاً واحداً هو الجنرال السابق ميشال عون… طبعاً هذا للتغطية لأنّهم في الحقيقة لا يريدون أن يكون في لبنان رئيس للجمهورية يطالبهم بالإنسحاب من سوريا.
وأمّا في العراق، فأين كان هذا البلد العربي وأين أصبح اليوم؟ قسّموا العراق ولو بطريقة غير معلنة وزرعت إيران التفرقة بين أهل السُنّة والشيعة التي لم تكن موجودة في يوم من الأيام خصوصاً أنّه أثناء الحرب الإيرانية – العراقية كان الشيعة العرب أكثر العراقيين ضدّ الإيراني ثم جاء الغزو الأميركي الذي حلّ الجيش العراقي ليصبح العراق تحت نفوذ وحكم إيران.
أمام ما تقدّم، نرجو رئيس الحكومة البريطانية أن يطلع على ما ذكرنا ليستخلص ما إذا كانت إيران يمكن أن تساعد على أي حل في البلدان العربية؟!
أخيراً: إذا كان رئيس الحكومة البريطانية بهذين الجهل والغباء، فماذا عن الرئيس الأميركي باراك أوباما؟