IMLebanon

السيسي… عبد الناصر… والحريري

قد يُفاجأ بهذا العنوان البعض فيسأل ذاته: ما القصد منه؟

والجواب بسيط جداً، وهو انني أرى أنّ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يجمع في شخصه بين شخصيتين عربيتين بارزتين جداً الأولى الزعيم المصري المغفور له الرئيس جمال عبدالناصر الذي لا يختلف إثنان في العالم العربي على شخصيته وزعامته ونظافة كفه، وهذه الزعامة عادت إلى الشعب المصري بعد 45 سنة على رحيله، ورأينا أنّ الثورة المصرية التي قامت ضد الرئيس حسني مبارك كان شعارها عبدالناصر وردد الشعب كل الشعارات الجميلة أيام ثورة يوليو.

– قلنا حنبني ودي إحنا بنينا السد العالي.

– ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.

– شعب عربي واحد من المحيط الى الخليج.

– ارفع رأسك يا أخي العربي.

– الارض بتتكلم عربي … الارض الارض (وليس أي لغة أخرى).

الى ما هنالك من الشعارات التي كان لي الحظ أن أعيشها بالرغم من حرب 1967 التي كانت مدمرة للعرب في محصلتها ونتائجها المأسوية.

على كل حال أعود الى موضوع بناء قناة السويس الثانية، طولها وكلفتها ومدة إنجازها.

وهنا تذكرت الرئيس الشهيد المرحوم رفيق الحريري رجل الإنماء والإعمار وكيف كان يستدعيني صباحاً عند السابعة لبحث أمرٍ ما معه، فكنت أجد نفسي في مكتبه وعلى طاولته خرائط ومشاريع تملأ الطاولة وأتذكر المطار، والمدينة الرياضية والجسور وشبكة الطرقات والمشاريع كلها التي لم يشهدها لبنان بتاريخه ولو قدّر للشهيد عمراً أطول لا شك في أنه كان سيضيف الكثير من الإنجازات.

لم أصدّق أنّ هذا المشروع العملاق، مشروع القناة الثانية يمكن أن ينجز في سنة، خصوصاً أنّ التجارب في العالم العربي لا تنبىء إلاّ بالتأخير في إنجاز أي مشروع(…) وقلت لنفسي: في لبنان يحدث بعض التأخير فكيف يمكن أن يلتزم الشعب المصري وينجز قناة السويس الثانية في سنة؟ هذا مستحيل.

إلاّ أنّ المستحيل صار حقيقة، فقد استطاع الجيش المصري أن ينفذ هذا المشروع بالكامل في المدة المحددة، لا بل بأقل منها ببضعة أيام.

إنّ تشبيه الرئيس المصري بالمغفور لهما الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس الشهيد رفيق الحريري مرده الى أنّ السيسي يجمع مزايا الشخصيتين في شخصه.

من هنا، ومن هذه الخطوة المهمة للاقتصاد في مصر، أقرأ مستقبل هذا البلد الشقيق ولا أنكر أنني أراهن على الرئيس السيسي كما أراهن على الشعب المصري.

للعلم ان هذا المشروع نفذ بالكامل بمال الشعب المصري حيث تم اكتتاب تولته أربعة مصارف مصرية والمفاجأة أنّ الاكتتاب جاء بأرقام زيادة عن المطلوب كما اعترض عدد كبير من المواطنين على أنّ الاكتتاب انحصر في المصارف الاربعة، لأنّ الكثيرين كانوا يريدون المشاركة.

قد يكون هناك بعض الاعتراضات، مثلاً: لماذا نفذ هذا المشروع بينما هناك مشاريع أكثر أهمية ولها مردود مالي أكبر وعلى سبيل المثال مشروع السكك الحديد للنقل وغيرها من المشاريع… طبعاً هنا لا يمكن لأحد أن يرضي الجميع، وحسب المعلومات الاقتصادية سوف يكون مردود القناة الثانية كبيراً… وهذا ما يتبيّـن من المقارنة الآتية بين قناة السويس الاولى، وقناة السويس الثانية التي افتتحت أمس.

افتتحت قناة السويس الاولى عام 1869 بعد أشغال استغرقت عقداً من الزمن وهي تربط بين البحرين الاحمر والمتوسط، وتعتبر من طرق الملاحة الرئيسية للتجارة العالمية، ولاسيما لنقل النفط، ومصدراً ثميناً للعملات الاجنبية.

والهدف من تشغيل المجرى الجديد البالغ طوله 72 كلم هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة، وتتوقع هيئة قناة السويس أن يكون بوسع حوالى 97 سفينة عبور القناة يومياً بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حالياً.

وستسمح القناة الجديدة بسير السفن في الاتجاهين، ما سيقلص الفترة الزمنية لعبور السفن من 18 الى 11 ساعة.

وسيؤدي افتتاح القناة الجديدة الى زيادة إيرادات القناة السنوية من 5.3 مليار دولار (حوالى 4.7 مليار يورو) متوقعة للعام 2015 الى 13.2 مليار دولار (11.7 مليار يورو) عام 2023.

وتضمن المشروع حفر قناة جديدة طولها 37 كلم، وتعميق وتوسيع القناة الاساسية على طول 35 كلم.

ومشروع «قناة السويس الجديدة» جزء من خطة اقتصادية طموحة لتطوير منطقة قناة السويس لتجعل منها مركزاً لوجيستياً وصناعياً وتجارياً من خلال بناء عدة موانئ تقدّم خدمات للأساطيل التجارية التي تعبر القناة.

ومن المتوقع أن يوفر هذا المشروع أكثر من مليون وظيفة خلال السنوات الـ15 المقبلة.

والجدير ذكره أنّ الذي نفذ هذا المشروع العملاق هو الجيش المصري ولنا عودة الى أهمية الجيش المصري ليس في الدفاع عن أرض مصر وحسب بل دوره أيضاً في الاقتصاد المصري، فمنذ أن وقعت الدولة المصرية اتفاقية كامب دايڤيد أصبح للجيش دور في الاقتصاد يوازي الاقتصاد المصري برمته وفي بعض الاوقات يتفوّق عليه.