دشن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جولاته الرسمية الخارجية بزيارة مصر لثلاثة أيام.
وقد وصف الناطق باسم رئيس الجمهورية السفير بسام راضي تلك الزيارة بأنها «حلول ضيف عزيز على وطنه الثاني.» وكان الرئيس قد التقى ضيفه عدة مرات في مناسبات مختلفة، الأمر الذي سهّل لهما مراجعة الأحداث من موقع الاطلاع المتبادل. ففي المرة الأولى كان لقاؤهما في الصين على هامش قمة مجموعة العشرين. ثم عادا فالتقيا في القاهرة عندما قام الملك سلمان بن عبدالعزيز بزيارة رسمية لمصر في ربيع 2016.
يوم الثلثاء الماضي، وصل الأمير محمد بن سلمان إلى لندن تلبية لدعوة رسمية استغرقت ثلاثة أيام. وقد وصفتها الصحف البريطانية بأنها زيارة عمل، كونها شملت مختلف المسائل الثنائية التي تهم البلدين، إضافة إلى مراجعة قضايا دولية وإقليمية كالإرهاب وحرب اليمن وأزمة سورية وتمدد الهيمنة الإيرانية، ومستقبل القدس.
وفي بيان منفصل أعلنت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن أهمية الشراكة مع السعودية. وقالت إن هذه الشراكة ساهمت في جعل بلدينا أكثر أمناً من خلال التعاون الاستخباري والاقتصادي والتجاري. واعترفت أيضاً بـ «أهمية هذه الشراكة الطويلة التي أنقذت أرواح بريطانيين، وخلقت آلاف الوظائف، وأتاحت الفرصة لكثير من الشركات الصناعية بالعمل في السعودية».
عقب الانتهاء من المحادثات في القاهرة ولندن، عاد ولي العهد السعودي إلى الرياض لوضع والده الملك سلمان في صورة المستجدات التي جمعها خلال ستة أيام. وهي مستجدات تضمنت عدة ملفات جرى بحثها قبل الانتقال إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل المصادف 19 الجاري.
الرئيس السيسي كان حريصاً على الاستفادة من زيارة الأمير محمد بن سلمان، بهدف التقرب من الأزهر والحصول على دعم كامل من الأقباط، الذين خصّهم بعناية فائقة على أمل التعويض عن احتمال مقاطعة الانتخابات.
لذلك قام الرئيس المصري قبل فترة قصيرة بقوننة أوضاع 53 كنيسة في محافظات مختلفة. وقد أرضى بهذا القرار البابا تواضروس الثاني، المطالب بحقوق المسيحيين، وضرورة السماح لهم بتخصيص مبانٍ لممارسة شعائرهم الدينية.
وتتحدث وكالات الأنباء من القاهرة عن احتمال تراجع أعداد الناخبين بعدما فقدت الساحة السياسية كل عناصر المنافسة. لذلك ظهرت عدة رسوم كاريكاتورية تصوّر السيسي وهو يركض في مواجهة ظله. كل هذا بعد انسحاب الجنرال المتقاعد أحمد شفيق، ويتردد أنه يخضع للإقامة الجبرية في منزله. ثم أدلى بدلوه من بعده جنرال آخر هو سامي عنان، الذي كان رئيساً للأركان خلال فترة الرئيس المسجون محمد مرسي. وكان من الطبيعي أن تعلن جماعة «الإخوان المسلمين» تأييدها بطريقة استفزازية وظّفها العهد لتشويه سمعته، الأمر الذي دفعه إلى سحب ترشيحه.
لهذه الأسباب وسواها، وزع أنصار الرئيس نشرات تدعو إلى الانتخاب- كواجب وطني- خصوصاً أن السيسي تعهد للشعب بعدم تعديل الدستور للترشح مرة ثالثة. كذلك دعا في خطبه على التلفزيون، إلى التصويت بكثافة لأن ضمانات النزاهة متوافرة في ظل مراقبة دولية لم تلبث أن باشرت عملها منذ اليوم. أي قبل أسبوع من موعد الجولة الأولى التي ستبدأ يوم الجمعة المقبل بانتخاب المغتربين المصريين. على أن تتبعها الجولة الثانية لمدة ثلاثة أيام، تعلن من بعدها النتائج النهائية في الثاني من نيسان (أبريل). ولقد اختير هذا التاريخ خشية استغلال المعارضة للأول من نيسان، بحيث تدّعي أن النتيجة النهائية ليست أكثر من «كذبة نيسان!»
أنصار السيسي يعترضون على الأسلوب المخفف الذي يستخدمه الرئيس لخوض معركة انتخابية ثانية، علماً أن هذا الاستحقاق الدستوري لا يعتبر مخالفة قانونية. وهم في هذا السياق، يقدمون عدة أمثلة لدعم رئيس أنقذ مصر من حكم «الإخوان المسلمين.» أي من حكم رئيس باشر عهده بإعلان دستوري يؤسس حصانة لرئيس الجمهورية يجعله فوق المساءلة، سواء أمام القضاء أم أمام البرلمان.
وللدفاع عن الموقف الدستوري الذي يتسلح به الرئيس السيسي، يقدم أنصاره مثلَيْن طاغيين، هما رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، ورئيس الحزب الشيوعي الحاكم في الصين شي جينبينغ. فالأول يخوض معركة تجديد ولايته للمرة الرابعة. والثاني انتُخِب هذا الأسبوع «إمبراطوراً» بواسطة اقتراح قدمته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي. وقد تعهد في خطاب تجديد ولايته مطلع هذا الأسبوع، ببناء «عهد جديد» يبلغ ذروته سنة 2050، عندما تصبح الصين بلداً مزدهراً في ظل الحزب الشيوعي!
وهذه هي المرة الثانية في ظل الحزب الشيوعي الصيني يُنتخَب الرئيس «إمبراطوراً»، مقلداً بذلك ماوتسي تونغ القرن العشرين.
على ضوء هذه المتغيرات، بقي الرئيس عبدالفتاح السيسي ملتزماً الخطوط القانونية لحملته الخالية من المنافسة، ما عدا منافسة رئيس «حزب الغد» موسى مصطفى موسى.
ويُستدَل من طبيعة الحملة الإعلامية التي يشنها رئيس «حزب الغد» أنه معتمد على أصوات الفلاحين وأبناء الطبقة العاملة التي وعد عناصرها- في حال فوزه- بمنحهم الأولوية المطلقة لحل مشاكلهم.
وفي الوقت ذاته، رسم الرئيس السيسي لحملته الانتخابية مسارَيْن متلازمين، الأول داخلي يتعلق بشؤون المعيشة، وتبعاتها المرهقة. والثاني خارجي، ويتعلق بإزالة أعراض الإرهاب وما تحصده جماعة العنف من ضحايا بين الجنود والمدنيين.
على الصعيد الداخلي، توقع البنك الدولي نمواً بنسبة 4.5 في المئة السنة المقبلة. هذا إلى جانب انخفاض مستوى التضخم من 26 في المئة إلى 22 في المئة. والزيادة من فائض العملة الصعبة، فقد وصلت إلى 37 بليون دولار.
إضافة إلى هذه الإيجابيات، فإن البطالة التي بلغت 33 في المئة، فهي مستشرية في أوساط الشبان الذين يشكلون ما نسبته ثلثا عدد السكان. كذلك ارتفعت أسعار الوقود والكهرباء أكثر من خمسين في المئة.
مؤيدو الرئيس ممن ينتمون إلى القوات المسلحة، يطالبونه بطرح حلول تزيل عن الجمهور قلقه المتنامي، وكل ما يدخل في حياته اليومية. وترى هذه الأكثرية أن همومها محصورة في تتبع أخبار ضحايا حوادث الطرق، وتصدّع المنازل القديمة، وعدم تجديد القطارات والسكك الحديد. هذه كلها تهم المواطن العادي أكثر من أي أمر آخر.
في رده على حلحلة الضائقة الاقتصادية، أعلن وزير البترول المصري طارق الملا أن بلاده تنوي زيادة إنتاج الغاز من حقلها الضخم «ظهر» الواقع في البحر الأبيض المتوسط إلى 700 مليون قدم مكعبة يومياً في الشهر المقبل.
ويقول الخبراء إن حقل «ظهر» يحوي احتياطات تقدَّر بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز. وتسعى مصر خلال هذه السنة إلى زيادة كمية الإنتاج من حقولها المكتشفة، على أن تصل إلى مستوى الاكتفاء الذاتي نهاية سنة 2019.
المسار الثاني- أي المسار الخارجي- المرتبط بوعد إزالة خطر «داعش» و «القاعدة» وسائر المنظمات الإرهابية العاملة على حدود مصر الغربية على امتداد 1200 كلم. وقد أطلق السيسي على هذه العملية اسم «سيناء 2018»، الأمر الذي يوحي بأن هذه السنة ستكون سنة الحسم.
وقد تبيّن للقيادة العسكرية المصرية أن انهيار «داعش» في العراق وسورية لم يمنع تمدده إلى أماكن أخرى بفضل المساعدات التي قدّمها الأميركيون والأتراك والنظام السوري. لذلك ظهر أتباعه في شبه جزيرة سيناء وأفغانستان وليبيا واليمن ونيجيريا والفلبين.
وتتهم موسكو الجيش الأميركي بتسهيل عمليات فرار جماعة تنظيم «داعش» من العراق وسورية إلى أفغانستان، لأسباب تتعلق بمحاصرة إيران وباكستان وإطالة أمد النزاعات بين طالبان وكابول.
في المرحلة الأولى التي بدأت في 9 شباط (فبراير) الماضي، هاجمت المروحيات العسكرية المصرية 187 هدفاً من الأوكار الإرهابية التي حفرها الإرهابيون في شبه جزيرة سيناء.
وكان الرئيس السيسي قد أكد، خلال افتتاحه مقر قيادة شرق القناة لمكافحة الإرهاب، على إبادة الإرهابيين عن وجه الأرض، وخصوصاً في سيناء.
والسبب أن استخباراته المزروعة بين البدو، اكتشفت عملية وصول كميات ضخمة من الأسلحة، علم أن جماعة «داعش» سيستخدمونها لشن معارك متفرقة بهدف التشويش على العملية الانتخابية.
كما تبيّن أيضاً أن جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر قد أمّنت نقل الأسلحة من ليبيا إلى صحراء سيناء بغرض إلهاء القوات المسلحة وزجّها في معارك جانبية.
مع اقتراب موعد الاستحقاق، وتأكد الدولة المصرية بأن عدد المقترعين لن يكون حسب المستوى المطلوب، دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى مؤتمر شعبي في «ستاد القاهرة الدولي» تحت عنوان: «نساء مصر يدعمن الرئيس.» وقد استخدم هذا الشعار من أجل حث نساء مصر على المشاركة في انتخابات الرئاسة.
كل هذا من أجل مقاومة الدعوات التي نشرها «الإخوان المسلمون»، والتي تحذر خروج النساء من دون محرم!