IMLebanon

الاعتصام الشبابي سجل هدفاً رغم الشوائب

ضبطت القوى السياسية ساعتها على إيقاع الحراك المدني في الشارع، والذي جرى تعليقه بالأمس، وإنما ما زالت تداعياته تتردّد بقوة في مجمل الأوساط الشعبية والحزبية وفي الكواليس السياسية والديبلوماسية. وبينما بدت نتائج الإنتفاضة الشعبية في وسط بيروت متضاربة من حيث مساهمتها في إعطاء دفع للأطراف المشاركة بالحكومة لتفعيل تحرّكهم وأدائهم العام، وجدت أوساط ديبلوماسية مطّلعة، أن الأصداء الخارجية سلبية بعدما شهد وسط العاصمة على مدى اليومين الماضيين احتجاجات مدنية شعبية تخلّلتها أعمال فوضى وشغب من قبل من وصفهم المسؤولون عن الإعتصام بالأعمال الغريبة عن المعتصمين، واتّهموا عناصر مندسّة وغير منضبطة بالقيام بها بهدف إجهاض التحرّك السلمي.

وإذ أشارت هذه الأوساط، إلى أن التجاوب العام مع الدعوة إلى الإعتصام كان لافتاً لجهة الوعي والرقيّ لدى غالبية شرائح المجتمع التي أتت إلى وسط بيروت للتعبير عن رفضها للواقع المتردّي، اعتبرت أنه من الضروري عدم إضاعة هذه الفرصة الكبيرة في متاهات السجالات السياسية التي حوّلت الأنظار عن الأهداف الحقيقية لاعتصام مجموعة «طلعت ريحتكم». كذلك، أكدت الأوساط الديبلوماسية أن الصرخة الشبابية ذات الطابع العلماني وغير الطائفي قد وصلت إلى كل من يعنيه الأمر، ويتولّى مركزاً رسمياً، وإن لم يكن التعاطي معها سريعاً وفاعلاً، معتبرة أنه من المهم عدم السماح بأخذ هذه الحركة إلى دهاليز الطائفية السياسية في لبنان أولاً، ورفض استغلالها من قبل «المندسّين» إلى واجهة لضرب الإستقرار الداخلي ثانياً.

من هنا، فإن الحراك الشبابي الذي لا يجب أن يتوقّف لأي سبب من الأسباب، بحسب هذه الأوساط، يتطلّب المزيد من التنظيم والتخطيط المسبقين لكي يتم تجنّب الأخطار التي حصلت على مدى اليومين الماضيين، وأدّت إلى سلسلة نتائج سلبية على المعتصمين، كما على القوى الأمنية وعلى المصالح التجارية الخاصة في وسط العاصمة.

في المقابل، فإن التعاطي الرسمي من قبل رئيس الحكومة تمام سلام بشكل خاص، قد كان لافتاً، كما أضافت الأوساط الديبلوماسية، وإن لم يؤدِّ إلى فتح حوار مباشر بين الحكومة والمسؤولين عن الإعتصام المدني. وشدّدت على أهمية الإبقاء على مناخات الإنفتاح، ولو لم يبدأ النقاش الجدي بالمطالب التي رفعها المعتصمون الغاضبون في ساحتي رياض الصلح والنجمة، مشيرة إلى ان الشعارات التي رُفعت أطلقت مرحلة سياسية جديدة عنوانها الإبتعاد عن كل ما هو متوارث من طائفية وإقطاعية في الحياة السياسية، والمطالبة بتطبيق الديمقراطية في السياسة بشكل فعلي، وليس فقط من خلال الخطابات السياسة التعبوية. وقالت أن التحوّل اللافت في الشعارات التي تنبذ كل ما هو متوارث من عادات وتقاليد سياسية أدّت إلى الحالة الإقتصادية والإجتماعية المتردّية، وصولاً إلى غمر الشوارع بالنفايات، يؤذن بربيع لبناني، ولكن مخالف لما شهدته بعض دول المنطقة، إذ أن المسؤولين عنه واعون لما يمكن أن ينتج عن استغلال وتوظيف المتربّصين بلبنان لحراكهم، ولذلك بادروا إلى إلغاء اعتصامهم بالأمس لتفويت الفرصة على هؤلاء لتحويل احتجاجهم المدني والسلمي إلى شغب وفوضى أمنية تؤدي إلى انفلات الأمور وتهديد الإستقرار الأمني القائم نتيجة التوافق الإقليمي والدولي على تحييد الساحة اللبنانية عن الصراعات الإقليمية.

وخلصت الأوساط الديبلوماسية نفسها، إلى أن هذه الإنتفاضة الشعبية قد حقّقت أهدافها، وذلك على الرغم من الشوائب العديدة التي سُجّلت على هامش الإعتصام السلمي، ومن أبرز هذه الأهداف أنها دقّت ناقوس الخطر، وجسّت نبض الشارع ومدى تجاوبه مع الدعوة للتغيير، وهذا كفيل بوضع كل المسؤولين من دون استثناء، أمام واقع جديد لم تعد تنفع معه كل محاولات «التخدير» للرأي العام من خلال الشعارات الطائفية والمذهبية.