IMLebanon

موقع لـ«مفاعل نووي» أهوَن من مطمر!؟

يُخفي المتعاطون بملفّ النفايات بعض الحقائق عن اللبنانيين. منها ما هو مسموح إخفاؤه الى أن تخطو المخارج سكّة الحلّ، ومنها ما لا يجب أن يعرفه اللبنانيون لئلّا يفقدوا الثقة بعدد من قياداتهم. وما بين هذه الحقائق اعتراف بأنه كان أهون على المعنيّين إختيار موقع لمفاعل نووي منه لمطمر نفايات. كيف ولماذا؟

عبَر الأسبوع السادس على الإعلان عن تشكيل اللجنة التقنية برئاسة وزير الزراعة اكرم شهيب المكلَّفة تنفيذ الخطة الخاصة بملف النفايات بعد تنحّي صاحب الإختصاص وزير البيئة محمد المشنوق، والأسبوع الرابع على قرار الدعم الذي وفّرته «هيئة الحوار الوطني» للخطة بإجماع أعضائها والتي لم يُنفّذ منها شيء بعد.

يَروي أحد أعضاء اللجنة التقنية «أنّنا صدّقنا في البداية أنّ الخطة سترى النور بمراحلها الفورية والمُستدامة. وتمنّينا على اللبنانيين يومها تحمّل عبء النفايات أياماً تكفي لجَمعها من الشوارع ونقل ما تكدَّس منها في باحات ومنشآت عامة الى مطمر الناعمة خلال اسبوع لتُستخدم في إنتاج مزيد من الطاقة الكهربائية تعويضاً على المتضرّرين منه، تزامناً مع فتح مطمر سرار في عكار وآخر في البقاع يتقاسمان نفايات مختلف المناطق».

ويضيف: «بمعزل عن التفاصيل التي عاشها اللبنانيون يومياً أثناء الحراك ومعه فريق الخبراء الذي التحق بمنظمات ما يُسمى المجتمع المدني الذي أتحفنا بنظريات جُمعت من برامج «غوغل» ومواقع إلكترونية متخصّصة، انتقل الحراك بلا سابق إنذار ليوسّع من اهتماماته الى المجالات السياسية والقضائية والإدراية تحت شعارات مكافحة الفساد والإدارة الرشيدة بكلّ ما رافق تلك المرحلة من أخطاء وممارسات أنهَت كلّ أشكال التنسيق في ما بينها، فغابَ ملفّ النفايات من أولويات اهتماماته لتتشعَّب وتنتهي بالسعي إلى إطلاق موقوفيه».

تزامناً، يعترف الراوي بأنّ تراجع الحراك «أفسَح المجال لحصر المعالجة بالتقنيّين بالتنسيق مع قادة الأحزاب كلٌّ في منطقة انتشاره، فتولّى «المستقبل» متطوِّعاً معالجة ملفّ مطمر سرار في عكار وحقَّق تقدّماً يُمكن التأسيس عليه.

لكن ومع فشله في توفير مطمر البقاع انتقلت المسؤولية بتعهّدٍ من الرئيس نبيه برّي الى الفريق الشيعي وما لبث أن صبَّ الملف عند قيادة «حزب الله» في الأيام الأخيرة بحثاً عن موقع».

ويوضح الراوي: «اعتقدنا أنّ الأمر بات محسوماً عندما تعهَّد الحزب بالخطوة على أساس أنّ أحداً لن يناقشه. بعد فشل تجارب مجدل عنجر والمصنع وغيرهما في مناطق تقع على الحدود مع سوريا، كان أوّل اقتراح للحزب في موقع قريب من بلدة علي النهري لكن ظهر أنّه غير مطابق، فانتقل البحث الى مواقع أخرى لا داعي لتعدادها بعد فشل تجربة كفرزبد».

ويضيف: «كان ذلك مطلع الأسبوع الماضي عندما بدأت تتكشّف بعض الحقائق، ومنها ما كان مفاجئاً، فقد عجز الحزب عن توفير المطمر بفعل ردات فعل الأهالي التي حالت دون أيّ خطوة جدّية.

وعلى رغم تشكيك البعض في نوايا الحزب على أساس رفضه سياسة إختيار المطامر على قاعدة 6 و6 مكرّر، فقد ثبت العكس وظهر أنّ السبب الحقيقي بعد رفض الأهالي، شطب مواقع كثيرة قريبة من الحدود السورية التي تحوّلت الى مناطق عسكرية يديرها الحزب ويستحيل التفكير فيها على رغم بعدها من المناطق المأهولة وتوافر كامل الشروط بفعل طبيعة الأرض الصخرية.

وفهمنا يومها الأسباب التي استدعت رفض وزراء الحزب عرض بلدية عرسال استضافة المطمر الذي يوفّر عملاً لأكثر من مئتي عاطل عن العمل، ولو بُتّ به يومها لأُقفل الملف».

عند هذه العقدة يراوح الملف مكانه، يشدّد الراوي، ويقول: «في انتظار مفاجأة ما تدلّنا الى مطمر، هناك روايات يمكن أن يُكشف عنها تؤكّد أنّ الدعم الذي لقيته الخطة من تيارات حزبية كان كاذباً. فقد ربطت ملفّ المطامر بآلية العمل الحكومي أولاً ومن بعدها بالتعيينات والترقيات العسكرية.

وهي روايات لا حَرَج في كشفها ومنها على سبيل المثال لا الحصر أنّ بعض رؤساء البلديات المحسوبة على تيار سياسي ادَّعى الدعم، تحوّلوا الى أنصار النائب خالد الضاهر في المواجهة مع تيار «المستقبل» وقد رفع الوزير شهيب يومها لائحة بأسمائهم الى قيادتهم طالباً توضيحاً لم يصل اليه بعد».

لن يتّسع المقال لروايات إضافية، ولكن ما يُمكن استنتاجه أنّه ليس صعباً أن توفر «جمهورية المخاتير ورؤساء البلديات» موقعاً لـ»مفاعل نووي» لكن من المستحيل توفيره لمطمر نفايات عملاً بسياسة النكد السياسي التي قد تقود الى إحياء فكرة تصدير النفايات على قاعدة أنّ آخر الدواء الكَيّ… أيّاً كانت الكلفة.