جاء في الدستور: عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء، ولا يجوز أن تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه. النائب المنتخب هو المعبّر عن ضمير مجتمعه، والناطق باسمه. والمدافع عن مصالحه العليا. هذا من حيث المفهوم الدستوري والقيم السياسية والأخلاقية والوطنية. أما من حيث التطبيق فالأمر مختلف. ولدى بعض ممثلي الأمة، يطغى واقع الممارسة العملية، ويتحول الى نوع من الوجاهة والمصلحة والنفوذ، واستمراء السلطة والاستمتاع بها، والعمل على تأبيد الوجود فيها بكل الوسائل المتاحة. جانب من هذا الواقع ظهر من خلال مجريات انتخابات الشهر البلدي الفضيل. ومن دلائله أن نائباً سابقاً لم ينجح في تجديد وكالته عن الشعب، تواضع قليلاً ورشح نفسه لرئاسة المجلس البلدي، ولكنه فشل أيضاً… ويعتقد البعض أنه بدأ يعد العدة من اليوم للترشح لمنصب المختار في أحد أحياء المدينة… إنها لوثة التمتع بالسلطة، أياً كان الموقع!
الاهتمام يتجه اليوم الى الانتخابات النيابية المقبلة، بعد تعطيل بالتمديد استمر أكثر مما ينبغي أن يسمى ب الظروف القاهرة أو الطارئة. والحديث المتداول على المستوى العام يجري اليوم على عدة مقامات، ليس بمعنى الأوزان السياسية، وانما الأوزان الموسيقية! ويعزف كل تجمع سياسي لحناً يتناغم مع مصالحه السياسية والانتخابية، ولكن الألحان كلها مستوحاة من مقام واحد! ويبدو حتى الآن أن القاسم الضمني المشترك بين مختلف المكونات السياسية يمكن تلخيصه في عبارة واحدة مستمدة من الثقافة الشعبية، وهي: الوجه الذي تعرفه خير من الوجه الذي تتعرف عليه! وهذه وصفة مختصرة مفيدة لاعادة انتاج الوجوه نفسها من خلال قانون الانتخاب الذي نتج عن تسوية الدوحة، ويعرف ب قانون الستين. ومختلف الجوقات الموسيقية السياسية المشاركة في جلسات اللجان المشتركة النيابية لوضع قانون جديد للانتخاب، تعزف ألحاناً مختلفة، ولكنها تصب في مقام واحد مؤداه: اذا لم نتفق على قانون جديد، فليتم اجراء الانتخابات على قانون الستين!
قانون الستين في المرحلة السابقة كان وصفة للشغور الرئاسي الطويل… وفي المرحلة التالية سيكون وصفة… للخراب!