«من اراد ان يضع يده على لبنان فعليه ان يضعها اولاً على الموارنة» انها مقولة ربما تفرّد في اكتشافها الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ومن خلالها دخلت قواته الى لبنان فامسكت بالموارنة المنقسمين انذاك واطبقت قبضتها على البلد الصغير وفق اوساط مسيحية ولا ينسى المراقبون خطاب الاسد الشهير الذي وجهه الى «الحركة الوطنية» في العام 1976 التي كان يتزعمها الراحل كمال جنبلاط محذراً فيه من قهر الموارنة لان الامر سيؤدي الى قيام «دولة للمظلومين» وفق توصيف الاسد «ستكون اشد خطراً من العدو الاسرائيلي».
وتضيف الاوساط ان الانقسام على الساحة المسيحية عموماً وفي صفوف الموارنة خصوصاً اخرج المسيحيين من الدولة الى حدود الاحباط وثم تهميشهم من خلال المنافي والسجون وفق قدر قياداتهم وفي طليعتهم اعتقال رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع وسجنه لاعوام طوال ونفي الجنرال ميشال عون الى فرنسا، ما جعل الساحة المسيحية مباحة للاقوياء من الاطراف الخارجية من جهة والداخلية من جهة اخرى، الا ان الظروف التي ادت الى عودة عون من المنفى وخروج جعجع من السجن وتوجت بجهد كبير من قبل ورقة «اعلان النوايا» اثبتت ان وحدة الموارنة لا يستطيع احد ان يتخطاها بحسب الاوساط، من القوى العظمى وهذه الوحدة اوصلت الجنرال الى «قصر الشعب» في بعبدا واطلقت ورشة قيام الدولة مع انطلاقة الجلسة الاولى لحكومة «الوفاق الوطني» برئاسة سعد الحريري يوم امس، وفي طليعة مهماتها انجاز القانون الانتخابي المرتقب ولو اقتضى الامر تمديداً تقنياً للمجلس النيابي ربما لمدة عام تقريباً لقصر المدة التي تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي حيث يتذرع المعنيون حول جنس القانون الذي قد يتم اعتماده من النسبي مروراً بالاكثري وصولاً الى المختلط في وقت يفضل معظم اللاعبين السير بقانون الستين كونه «الاريح» والاربح في حسابات «المحادل والبوسطات» الانتخابية. في ظل ظروف امنية بالغة الدقة حيث الارهاب بات خطراً على البشرية جمعاء، فالمجزرة التي ارتكبت في ملهى «لارينا» في اسطمبول وذهب ضحيتها 3 لبنانيين وعدد من الجرحى كان مرشحاً حصول ما يعادلها على الساحة المحلية لولا الاجهزة الساهرة التي القت القبض على خليتين ارهابيتين كانتا تحضران لاعمال ارهابية.
وبالعودة الى قانون الستين تضيف الاوساط، اذا كانت الاصوات في العلن ترفض العودة اليه وتضمر عكس ذلك الا ان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط لا يخفي تفضيله الستين واعتماد القضاء دائرة انتخابية افضل الممكن وما قوله «لسنا لقمة سائغة» الا دليل على ذلك لا سيما وانه يستشعر خطورة تحالف «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» على الزعامة الجنبلاطية في مرحلة يعتبرها الزعيم الاشتراكي الاكثر استثنائية في مسيرته السياسية على خلفية توريث نجله تيمور الزعامة ورمي عباءتها على كتفيه.
وتقول الاوساط ان التشكيلة الحكومية شكلت رسالة لجنبلاط واضحة الخطوط ومقلقة في آن لقصر المختارة، فاختيار عون لطارق الخطيب وزيراً سنياً من حصة رئيس الجمهورية، حرك الفئران في عب «ابو تيمور» كون الخطيب من اقليم الخروب في وقت كانت التوقعات الجنبلاطية تشير الى امكانية توزير فيصل كرامي وعبد الرحيم مراد وريا الداعوق مكانه، وما يعنيه الامر على صعيد الانتخابات النيابية في العرين الجنبلاطي، وكما عون كذلك الحريري الذي آثر توزير غطاس خوري مستشاره كماروني من حصة رئاسة الحكومة ما يعني ان اختيار وزيرين من الشوف دون الوقوف على خاطر البيك الاحمر حمل ابعاداً غير مستحبة على صعيد الزعامة الجنبلاطية التي امسكت الجبل بقبضة حديدية منذ اكثر من نصف قرن. وفي طليعة هذه الابعاد ان زمن انحسارها دخلت مرحلة البدايات وان جنبلاط بات مجبراً للتعامل مع واقع سياسي جديد يجعله سواسية مع بقية مكونات الجبل السياسية وهذا ابغض الحلال لديه خصوصاً وان صداقته لرئيس مجلس النواب نبيه بري تبقى شخصية وغير قابلة للتقريش في الانتخابات النيابية المقبلة لانعدام الصوت الشيعي في الجبل ولا يخفي المقربون من المختارة ان البيك قلق من حالة حصار بعدما كان بيضة القبان.