منذ تأسيسها عام 1979، تتغنّى «مؤسسّة الحريري» بأنها «من أكبر المؤسسات الخيرية في العالمين العربي والإسلامي»، و«ساعدت ما يقارب ٣٥ ألف طالب وطالبة على إكمال دراستهم الجامعية»، وأنشأت «عدداً من المدارس والمعاهد الجامعية والتقنية، والمراكز الصحية والاجتماعية والرياضية في لبنان»، على ما تذكره في «سيرتها الذاتية» على موقعها الرسمي.
هذه المؤسسة التي ترأسها السيدة سلوى السنيورة بعاصيري كمدير عام، لا تنفك تروّج لنشاطاتها المنتشرة على طول الأراضي اللبنانية. وقبل 4 أيام فقط، أعلنت المؤسسّة إنجازها، بالتعاون مع الشركة العامة للبناء والمقاولات «جينيكو»، مشروع دعم وتسويق وتطوير إنتاجية الحرف الخشبية التراثية في سوق النجارين ــ صيدا، وذلك «في إطار استراتيجية التنمية الحضرية المستدامة لمدينة صيدا التي تنفذها المؤسسة بالشراكة مع بلدية المدينة». هذا التهليل بما تستطيع المؤسسة تحقيقه رغم الصعاب، لا يلغي حقيقة تأثرها بالأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها تيار المستقبل منذ أشهر. إذ يتردّد في «الصالونات» السياسية خبر يتحدّث عن «انسحاب مؤسسّة الحريري» من مشروع «بلدي» الذي سبق أن أطلقته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في لبنان بكلفة تقارب 27 مليون دولار أميركي، ما يشي بأن الشحّ المالي توسّع ولم يعُد محصوراً بالمؤسسات الإعلامية «الزرقاء» ولا المنسّقيات، بل بدأ يطال سائر أركان «إمبراطورية» الحريري.
تعجز المؤسسة عن تأمين مليونين و300 ألف دولار لتغطية تكاليف المشروع
وبحسب مصادر في «المستقبل»، يندرج مشروع «بلدي» ضمن المشاريع التعليمية المهنية، التي تقضي بإقامة «هنغارات في مناطق مختلفة»، والتي تكفّلت مؤسسة الحريري بتأمين مشرفين ومهنيين للعمل داخلها والإشراف على تعليم عدد من المواطنين. لكن المؤسسة بحسب المصادر «عجزت عن تأمين المال المطلوب منها لتأمين كادر العمل، والمقدّر بنحو مليونين و300 ألف دولار أميركي»، فتحول عدد من هذه «الهنغارات» إلى مستودعات يستخدمها أهالي القرى، كما حصل في بلدة الهبارية في حاصبيا. وتضيف المصادر أن «المؤسسة عادة كانت تؤمن 35 في المئة من مجمل المشاريع التي تلتزم بها، على أن يوفّر تيار المستقبل أو المملكة العربية السعودية النسبة المتبقية لتنفيذها». فالدخل الذاتي التي «تحصل عليه مؤسسة الحريري من خلال أعمالها الخاصة لا يُمكن أن يغطّي تكاليف المشاريع التي تشارك المؤسسة في تنفيذها». ونتيجة «للموارد المالية غير الكافية، اضطرت المؤسسة إلى سحب يدها من مشروع بلدي»، ولا سيما أن «نصّ الاتفاق مع الوكالة الأميركية واضح وصريح، لجهة أن العائدات التي ستحصل عليها المؤسسة كأرباح، لن تسدّد قبل ثلاث سنوات».
لا يكاد يمرّ يوم لا يسمع فيه الرئيس سعد الحريري أن في تياره مؤسسة جديدة بدأت تتأثر بالأزمة المالية التي يعاني منها، مذ قررت المملكة العربية السعودية قطع العون عنه. فبعد المؤسسات الإعلامية والتنسيقيات، ها هي المؤسسات الخيرية بدأت «تترنّح» هي الأخرى في ضوء الأزمة المالية المفتوحة، والتي بدأت تنذر، على ما تقول أوساط المستقبل، «بانفجار كبير لن يكون للحريري القدرة على تدارك نتائجه في أوساط جمهوره»!