الزيارة التي اراد صاحبها ان تكون زيارة تعارف وتأكيد على الصداقة القائمة بين لبنان الدولة والمملكة العربية السعودية منذ حوالى ستين سنة، تحوّلت عند البعض في لبنان الى زيارة تنسج حولها الاقاويل والشائعات والاتهامات. وحملّت اهدافاً ليست في حساب رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ولان حسابات القيادة الجديدة في المملكة التي رغب جعجع ان يتعرّف اليها وجهاً لوجه، خصوصاً وانه لا يخفي امتنانه للدعم الدائم الذي قدمتّه المملكة، وتقدمه للدولة اللبنانيةوفي شكل خاص للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، ويؤكد جعجع انه لمس لدى القيادة الجديدة محبة موروثة للبنان والشعب اللبناني، ورغبة صادقة بان يعمّ التفاهم والحوار والسلام بين مختلف المكونات اللبنانية، كما لمس تشجيعاً وترحيباً بالحوار القائم بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، وكان من الطبيعي الا يقتصر اللقاء مع الملك سلمان وولي ولي العهد، والقيادات الاخرى، على التعارف فحسب، بل كان هناك استعراض للقضايا العربية واللبنانية، يمكن تلخيصها بان الاتفاق النووي بين ايران والدول الست، ليس له ملحقات سرّية ولا علنية ولم يتطرق البحث بين الدول الست وايران الى ايّ من القضايا الاخرى، بل كان التركيز على منع ايران من ان تصبح دولة نووية عسكرياً، وهو هدف اساسي تم التوصّل اليه، وتنفيذه موضوع تحت الرقابة الدولية الدائمة، ولهذا السبب فان الجناح المتشدد في ايران غير راض على الاتفاق، بمثل رضى الجناح المعتدل المتمثل بالرئيس روحاني، ويعتقد جعجع ان ايران قد لا تأخذ خطوات تصعيدية حيال قضايا المنطقة الملتهبة، في الاشهر الستة المقبلة المحددة لوضع الاتفاق موضع التنفيذ، ولكن هذا لا يعني انها لن تمدّ يد المساعدة لحلفائها او للفئات المرتبطة بها عضوياً بعد الافراج عن اموالها المجمّدة في الغرب والمقدرّة بمئة مليار دولار اما في ما خص الوضع في العراق وسوريا، فان الامل بحل قريب. هو امر شبه مستحيل في العراق، وفي سوريا لن تتغير المعادلة القائمة، الا بحصول حدث ما ليس في الحسبان يمكن ان يوصل الى حل ما.
على الصعيد اللبناني الداخلي، يرى رئيس حزب القوات اللبنانية ان هناك ضرورة ملحة لاعادة شد عصب قوى 14 اذار، وتجاوز الخلافات الهامشية بين مكوناتها المختلفة. الناتج بعضها عن عدم التواصل داخل لبنان، وهو في صدد التفكير بالخطوات المدروسة جيدا، للبناء عليها لجعل 60 او 70 بالمئة من الشعب اللبناني، يؤمنون بطروحات وثوابت 14 آذار، على انها السبيل الوحيد لعدم انهيار الدولة ومؤسساتها، انطلاقا من مبدأ ثابت وهو المحافظة على الدستور وعلى اتفاق الطائف وعلى التمسك بالسلم الاهلي، وعدم الانجرار الى اي فتنة، ومع تسليمه بصعوبة انتخاب رئيس للجمهورية في المدى القريب، لان ايران تعوق انتخابه، يرى جعجع ان انتخاب رئيس يحل فورا العديد من القضايا كما انه لا يخفي ارتياحه الى «اعلان النيات» مع التيار الوطني الحر الذي اراح الوضع المسيحي، حتى ولو لم يعجب بعض المتضررين منه.