اليوم الاثنين الثامن من الشهر الثامن موعد الجلسة الثالثة والأربعين لانتخاب رئيس الجمهورية.
والمؤسف ان هذه الجلسة لن تكون أفضل من سابقاتها، من الحضور الى الحصيلة، وبالتالي لن تتخطى كونها مجرد رقم اضافي في عدّاد الجلسات النيابية الانتخابية المصابة بفيروس فقدان النصاب. وعليه فإنها لن تكون أكثر من مدخل لاحتلال الرقم ٤٤ في لائحة الجلسات الانتخابية الخاوية، رغم مجيئها بعد الخلوات الحوارية الثلاثية الايام، في عين التينة، والتي لم تأتِ بجديد هي الأخرى، سوى بطرحها اصلاحات قديمة منصوص عنها في اتفاق الطائف، غير قابلة للتنفيذ العملي الان على الاقل، تبعاً لغياب عرّاب الجمهورية، الذي لا يشرع قانون من القوانين الا بعد مراجعته، ولا يعين قائد من قادة الجيش والأمن الا بتوقيعه… ولا أي اصلاح سياسي ممكن بمعزل عنه.
ومن هنا كان تساؤل البطريرك مار بشاره بطرس الراعي بكلمته في عامية المختارة الوطنية: بأي حق يعطل انتخاب رئيس الجمهورية، ويعطل مجلس النواب وتعثّر الحكومة ويتعطل كل شيء في البلد؟
الواقع ان اجراس لقاء المختارة الوطني الجامع، دقت في توقيت سياسي ورئاسي حرج، وكما تلهّت الحوارات الثلاثية الايام عن هدفها الأساسي وهو رئاسة الجمهورية، بمجلس شيوخ غير قابل للصيرورة الان، أو حتى بعد اوان، نظراً للاشكالات الشكلية او الاساسية المرتبطة به، وأكثرها ذو طابع آلي ودستوري، وأقلها الخلاف المسبق على الانتماء الطائفي للرئيس، ما حدا بالرئيس حسين الحسيني الى القول، في حديث تلفزيوني: لا وعد خلال الطائف، لطائفة معينة كي ترأس مجلس الشيوخ…
علماً أنه كان الافضل لو ان متحاوري الطائف حددوا الهوية الطائفية لرئيس هذا المجلس، بدل تركه علامة استفهام على شكل لغم تحت كرسيه.
على ان لقاء المختارة الجامع خرج بعبر ونتائج، وهو ما استعصى على حوارات عين التين.. وأهم العبر المصالحة في الجبل التي قام بها رجلان جريئان، هما البطريرك صفير والزعيم وليد جنبلاط، اللذان لو انتظرا القرار بها من الخارج لما حصلت، كما يقول البطريرك الراعي، وبدا واضحاً للمتابعين أن زيارة الراعي للمختارة، لم تكن فقط من اجل تأكيد الراعي على المصالحة التي عقدها صفير وجنبلاط قبل ١٥ عاماً، بل ايضا لتقديم الرهان على امكانية لبننة الحلول اذا ما توفّرت الارادات المحلية، والمقصود رئاسة الجمهورية.
بعض المريبين ربطوا المبادرة الجنبلاطية تجاه بكركي بالانتخابات النيابية المقبلة، على اعتبار أن التذكير بالمصالحة يعزز التحالفات الانتخابية بين المتصالحين.
لكن ثمة مبادرة جنبلاطية أخرى قريبة، تتمثل بافتتاح جامع المختارة بحضور وإمامة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، حيث لا مصالحة يحتفل بذكراها بين المسلمين والدروز، تبعاً لانعدام الخلاف أصلاً…
الواقع ان لقاء المختارة، لم يخرج عن الاطار الذي رسمه له صاحبه وليد جنبلاط: وطني جامع، غايته إبراز التعددية اللبنانية كمنطلق لتحقيق الوحدة الوطنية، ولاظهار حجم قدرة اللبنانيين على التلاقي، اذا ما تلاقت الارادات وصفت النيّات.
أما عن نتائج يوم المختارة الحاشد، فقد استرعى الانتباه حضور قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي استغرب بعض مشاهديه في العرين الجنبلاطي حضوره، وسط اعتراض جنبلاط المسبق على تمديد خدمته العسكرية سنة أخرى، وكان جواب العماد مطمئناً… مع العلم ان في حضوره الجواب الشافي.
فقد بات واضحاً ان جنبلاط مقتنع مع القيادات السياسية الأخرى انه بغياب رئيس الجمهورية من غير الجائز تعيين قائد للجيش، وفي ظلّ الحرائق المندلعة حولنا، من غير المنطقي تغيير القائد.
وبذات المقدار، يدرك وزير الدفاع ومعه القيادة العسكرية، بأنه في ضوء تعذر التمديد للواء وليد سلمان في رئاسة الأركان، فترة اضافية، يتعيّن الالتزام بالتقاليد والأعراف السياسية في اختيار البديل ويا دار ما دخلك شرّ…