Site icon IMLebanon

الخلايا النائمة في البقاع تتحرك

في ضوء التحولات التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية، عاد مسلسل العبوات إلى طريق المصنع الدولي، مستهدفاً سيارة فان تنقل عناصر من حزب الله، بعد مرور أكثر من عام على توقفه، نتيجة القاء القبض على مجموعة من الأشخاص اللبنانيين والسوريين المتورطين في هذه الأعمال.

العبوة التي تبلغ زنتها نحو 4 كيلوغرامات من مادة الـ«TNT»، بحسب ما أعلن الجيش اللبناني، إنفجرت بينما كانت سيارة الفان تسلك الطريق الفرعية المؤدية الى معبر المصنع، من خلف الدائرة الاقليمية للجمارك اللبنانية في شتورا، طرحت حولها العديد من علامات الإستفهام والهواجس، لا سيما أن أهدافها واضحة، ولا تنفصل عن المحاولات المستمرة لتفجير الأوضاع على الساحة الداخلية، التي تعمل عليها الجماعات الإرهابية المتطرفة منذ فترة طويلة.

في هذا السياق، تلاحظ مصادر مطلعة، جملة من الملاحظات التي ينبغي التوقف عندها بشكل دقيق، أبرزها أن هذه العبوة تأتي بعد ما يقارب الشهر من العثور على عبوة كانت مجهزة للتفجير على الطريق الدولية في تعنايل، في مكان قريب من مكان عبوة سبق أن تم تفجيرها بأحد الفانات، وتشير إلى أن هذا الأمر دليل على أنها تأتي في إطار مشروع مخطط له، لا عبارة عن ردة فعل فردية، كما يحاول البعض أن يروج، وتعتبر أن من الممكن أن تكون جزءاً من المخططات السابقة، التي كانت تحصل قبل نحو عام، مع تأكيدها أن إحتمال أن يكون الأمر منفصلاً على مستوى التخطيط يجب ألا يسقط من الحسابات.

بالإضافة إلى ذلك، تشدد هذه المصادر على أن الموضوع يأتي في سياق الإنتقام من الحزب، بعد الإنجازات التي تمكن من تحقيقها، في مواجهة المجموعات التكفيرية على الأراضي السورية، لا سيما في القلمون والزبداني مؤخراً، وتؤكد بأن الفصائل والكتائب التابعة لها تعتبر أن حزب الله جزء أساسي من التحالف الذي أسقط مشروعها، وبالتالي تبرر لنفسها الإنتقام منه في أي ساحة لها القدرة فيها على تنفيذ عمليات أمنية ضده، وتشير إلى أن النقطة الأمنية التي وقع فيها لا يمكن القول أن من المفترض أن تكون مضبوطة أكثر، نظراً إلى حركة التنقلات الكثيرة التي تحصل عبرها.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الجماعات المخططة نجحت من جديد، على ما يبدو، في تجنيد مجموعة من الأشخاص القادرين على تنفيذ المهمات الأمنية المطلوبة منهم، بعد سقوط المجموعة السابقة في قبضة الأجهزة الأمنية، وتعتبر أن المنفذين يستفيدون، على الأرجح، من بيئة النازحين السوريين القريبة من المنطقة من أجل التحرك بكل حرية، من دون إثارة الكثير من الشبهات حولهم، بالإضافة إلى أن إحتمال تعاون بعض أبناء القرى المجاورة من المعارضين للحزب معهم، لا سيما أن هناك فئات واسعة لا تخفي تعاطفها مع تلك الجماعات المسلحة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، ما يبدو واضحاً أن هذه الجهات المنفذة ليست مرتاحة في عملها بشكل كامل، على إعتبار أنها تعمل وسط إجراءات أمنية مشددة، متخذة من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية المختلفة، لكن هذا لا يعني أنها لا تملك تعليمات واضحة بالتحرك في الوقت الراهن، فهي لا يمكن أن تقوم بأي عمل من دون قرارات واضحة من قبل الجهات المخططة.

على صعيد متصل، تؤكد مصادر حزبية، أن كل الأمور لا تزال تحت السيطرة بشكل مطلق، وتعتبر أن ما يحصل كان متوقعاً بأي لحظة، نظراً إلى طبيعة المواجهة التي يخوضها حزب الله على مستوى المنطقة، وبالتالي الجميع يعلم أنه مستهدف من الجماعات الإرهابية على مختلف أنواعها، ولا يجب أن يستغرب أحد النجاح في تنفيذ بعض العمليات ضده، إلا أنها تعتبر أن الإجراءات الأمنية في الداخل اللبناني، بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي حصلت في الداخل السوري قبل أشهر، ساهمت إلى حد كبير في تقليص حجم الخطر.

وتكشف هذه المصادر أن هناك العديد من المجموعات، التي تدور حولها الشبهات، موضوعة تحت عيون الأجهزة الأمنية، التي تدرك جيداً حجم التحديات والمخاطر في هذا المرحلة، منذ مدة طويلة، وبالتالي هي تتوقع أن يتم توقيف المسؤولين عن زرع العبوتين في الفترة الأخيرة خلال وقت قصير، كما حصل مع المجموعة السابقة التي سعت إلى إستهداف المواكب الأمنية التي تمر في المنطقة.

من وجهة نظر هذه المصادر، لا ينبغي أن تعطى العملية الأخيرة أكبر من حجمها، هي تأتي في سياق السعي إلى الإنتقام من عناصر حزب الله، ولا تندرج في سياق مساعي تفجير الأوضاع على الساحة اللبنانية بشكل كامل، الذي يفترض أن يكون بموجب قرار على مستوى كبير، لا يبدو متوافراً في الوقت الراهن، وتشدد على أن المسؤولية تقع على عاتق الأجهزة الأمنية من أجل تفعيل إجراءاتها الوقائية على هذه الطريق، وتضيف: «هناك قدرة على ضبط الوضع، لكن هذا لا يعني أن المنفذين ليس لديهم من يساعدهم، عبر تأمين المراقبة وتزويدهم بالاحداثيات، قبل وصول السيارة المستهدفة إلى نقطة التفجير».

وتشير المصادر الحزبية إلى أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هناك خلايا أمنية نائمة في هذه المنطقة، عادت إلى الحركة من جديد، وبالتالي من المفترض على الجميع أن يأخذوا أعلى درجات الحيطة والحذر، لمنعها من تحقيق أي هدف لها.

في المحصلة، تلخص هذه المصادر وجهة نظرها بالقول، ان التخطيط يأتي من الداخل السوري والتنفيذ عبر أشخاص في الداخل اللبناني، من الممكن أن يكونوا من السوريين واللبنانيين، لكنها لا تعتبر أن الأمور تتخطى هذه الدائرة، وبالتالي لا يمكن القول ان هناك قراراً بتفجير الأوضاع بشكل كامل، ما يعني أن معالجة الخلل القائم ممكنة في وقت قصير.