بعد زيارة رئيس الحزب “الاشتراكي” تيمور جنبلاط الى بنشعي قبل نهاية العام الماضي، قام رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بتلبية دعوة وليد جنبلاط الى العشاء في كليمنصو مساء الاثنين، في تأكيد على عودة العلاقة التاريخية بين “المردة” و”الاشتراكي” الى مجاريها، ورغبة فرنجية في فتح كل قنوات التواصل مع القوى السياسية الأساسية، على وقع عودة الحديث في ملف رئاسة الجمهورية.
وعلى الرغم من حرص بعض الأوساط المقربة من “الاشتراكي” على وضع اللقاء في الإطار العائلي، بعد الزيارة التي كان قد قام بها النائب تيمور جنبلاط سابقاً، وفي سياق الحديث المتكرر عن رغبة بالإنفتاح على جميع الأفرقاء الذين زارهم تيمور أو سيزورهم، مثل زيارته الى طلال ارسلان اليوم، إلا أن الأكيد أن اللقاء مع المرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية له مؤشرات متنوعة، أبرزها يتعلق بموقف “الاشتراكي” من هذا الترشيح.
بالنسبة إلى بعض الأوساط السياسية، فإن الحرص “الاشتراكي” على العلاقة مع “المردة” ينم عن رغبة، يذهب إليها جنبلاط الأب دائماً في المحطات المفصلية، بالتحضير لكافة السيناريوهات المحتملة، وبالتالي هو يريد أن يمهد الأرضية نحو الإلتحاق بالتسوية، في حال كانت نتيجتها إنتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية. فجنبلاط يُدرك كيف يدوّر الزوايا، بحيث لا يخرج خاسراً من أي تسوية قد تحصل، وهو الذي يعلم أن انتخاب الرئيس بات معلقاً، الى جانب ما يدور في كواليس اللجنة الخماسية وبالوضع في الجنوب أيضاً، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات أو تسويات.
هذا الواقع، يتأكد عند سؤال الأوساط المقربة من “الاشتراكي” عن موقفها من إنتخاب فرنجية، حيث تؤكد أنها لا تعارض هذا الأمر، وموقفها الرئاسي منذ آب 2022 لم يتغير، فهي تفضل أن يتم إنجاز الإستحقاق بالتوافق، وبالتالي أن تصل شخصية لا تمثل تحدياً لأي فريق، بالتزامن مع تشديدها على أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم من دون موافقة الأفرقاء المسيحيين الأساسيين، وهو ما كان يشدد عليه جنبلاط منذ بداية الفراغ الرئاسي، عندما قال أنه لا يمانع وصول فرنجية الى بعبدا، بشرط أن يحصل على دعم “التيار الوطني الحر” أو “القوات اللبنانية”، وهو ما تلقفه حزب الله الذي سعى في فترة سابقة الى تليين موقف باسيل من انتخاب فرنجية.
وبحسب الأوساط، فإن طاولة العشاء شهدت نقاشات سياسية عامة تتعلق بملفات داخلية، كملف تعيين رئاسة الأركان على سبيل المثال، حيث توافق الطرفين على ضرورة التعيين وحماية مؤسسات الدولة، مشيرة الى ان هذا الملف على سبيل المثال بانتظار اقتراح وزير الدفاع، لان “الاشتراكي” يريد التعيين، وبنفس الوقت يريده قانونياً لا يسقط بمجلس شورى الدولة.
ما تقدم، يعني أن “الإشتراكي” ليس لديه أي “فيتو” على إنتخاب فرنجية، ولم يكن لديه، لكنه في المقابل يقارب المسألة من مكان آخر يتعلق بضرورة أن يكون الانتخاب توافقياً، وأن اللقاء يؤكد أن بين “الاشتراكي” و”المردة” اكبر بكثير من أن يعطله تفصيل صغير يتعلق بالرئاسة.
من جهتها، لا ترغب مصادر مقربة من فرنجية إعطاء اللقاء أبعاداً أكبر من كونه لقاءً عائلياً، حصل في جوّ ودي وإيجابي، مشددة على أن اللقاء لم ينتج عنه تغييراً بالمواقف، في إشارة الى موقف “الاشتراكي” من ترشيح سليمان فرنجية الى الرئاسة.
وفي حين تؤكد المصادر المقربة من فرنجية أن اللقاء سيعطي زخماً للعلاقات العائلية التاريخية، ينبغي مراقبة حركة رئيس “تيار المردة” مؤخراً، فالعلاقة بينه وبين قائد الجيش ممتازة، وانفتاحه على الجميع مستمر، الى حين وضع الملف الرئاسي على نار ساخنة، فهو يعلم أن حظوظه لا تزال قائمة، بغض النظر عن تحليلات سياسية تقول عكس ذلك.