يمضي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بمبادرته الحوارية، من دون ان يعرف ماذا ستحقق والمدى الذي ستصل إليه. ومن الواضح ان باسيل لن يتوقف في معركة ازاحة سليمان فرنجية من طريق الرئاسة، مع انه قرر التمايز عن المعارضة بتماهيه مع الحوار الذي يريده الرئيس نبيه بري، إذ يعتبر ان الحوار لن يشكل عرفا دائما، ومن شأنه تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية.
مقابل مبادرة “الوطني الحر” و”الاعتدال الوطني” و”اللقاء الديموقراطي”، والحركة السياسية التي يقوم بها كل من باسيل وجنبلاط ونواب “الاعتدال” وجميعها لا تؤيد مرشح المعارضة ، كما لا تدعم مرشح “الثنائي الشيعي”، أتى الرد من عين التينة بموقف يعكس اصرار رئيس المجلس نبيه بري على الحوار، وسبقه موقف رئاسي لافت لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في الإحتفال بالذكرى السادسة والأربعين لمجزرة اهدن ، أطلق خلاله مواقف جديدة حول وصول الرئيس الأقوى مسيحيا عام ١٩٧٠ حيث انتخب سليمان فرنجية ، فيما كان الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل الأقوى مسيحيا ، معتبرا ان الاستناد الى نظرية التيار، تفترض ان سمير جعجع هو المرشح الطبيعي والأقوى اليوم للرئاسة.
استحضار فرنجية لما حدث في جلسة ١٧ آب من عام ١٩٧٠ ، قصد من خلاله ايصال رسالة سياسية واضحة، فمجلس النواب في حينه التأم وانتخب سليمان فرنجية مرشح المعارضة والحلف الثلاثي رئيسا بالدورة الانتخابية الثالثة ونال فرنجية ٥٠ صوتا، فيما حصل الياس سركيس مرشح النهج الشهابي على ٤٩ صوتا بفارق صوت واحد، وكان مجلس النواب مؤلفا من ثلاثين نائبا مارونيا، واحد عشر نائبا أرثوذكسيا، وستة كاثوليك، وخمسة أرمن، ونائبين للبروتستانت والأقليات، وتسعة عشر نائبا شيعيا، وعشرين نائبا سنيا، وستة دروز. يومها قيل ان الرئيس سليمان فرنجية هو الرئيس الوحيد الذي صنع في لبنان.
من الواضح كما تقول مصادر سياسية، ان فرنجية إختار في هذا التوقيت حماية ترشيحه في مواجهة الحملة التي يتعرض عليها من قبل الثنائي المسيحي وقوى المعارضة، خصوصا من قبل “التيار الوطني الحر”. ووفق مصادر مقربة من “المردة” فان “التعيير” بالأحجام والتمثيل الشعبي وعدد النواب، لا ينطبق على المعايير الرئاسية، فتكتل “لبنان القوي” ما كان ليكون بهذا الحجم لولا دعم حزب الله في الإنتخابات النيابية . وفي حسابات “المردة” ان الإنتخابات الرئاسية لها حسابات أخرى غير الشعبية والتمثيل، فرئيس الجمهورية رئيس كل اللبنانيين بكل طوائفهم وكتلهم، والتيار لا يختصر المسيحيين، وهناك فئة واسعة من المسيحيين خارج التيار و”القوات”.
تفاوتت ردود الفعل على كلام فرنجية المفاجىء طرح ترشيح جعجع، فرأى كثيرون انه في اطار المناورة ليس أكثر، خصوصا ان هذا الترشيح لا يتناسب مع المحور السياسي لفرنجية، ورأى آخرون انه يهدف لحشر باسيل وفيه شجاعة سياسية.
الرد السريع أتى من ميرنا الشالوحي، فباسيل اعتبر ان فرنجية وجعجع لا يحسنان العد، فيما وجه النائب سامي الجميل دعوة عامة لفرنجية وباسيل وجعجع كونهم “اطرافا” في اللعبة السياسية لعدم الترشح والانسحاب، بالمقابل تعاطت “القوات” بايجابية مع الكلام الذي أورده فرنجية وحسابات التمثيل المسيحي، حيث يفترض بالتيار ان يسير بترشيح جعجع بما انه الأكثر تمثيلا على الساحة المسيحية وعدد النواب . بالنسبة الى “القوات” إذا لم يحصل توافق فهي متمسكة بالمفاهيم الدستورية، اي الجلسات المفتوحة او من خلال التوافق على خيار ثالث، مع تعثر التفاهم بين المعارضة و”الثنائي الشيعي”، وتصر “القوات” على رفض الحوار لعدم تكريس أعراف يصعب تجاوزها في استحقاقات قادمة.