بزيارته الى الديمان، إفتتح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية باب ترشيحه الرئاسي على مصراعيه. الموعد مقرر منذ أسبوع والبحث رئاسي بامتياز وإن كانت الزيارة وقعت في ظروف ملتبسة بالنظر الى وضع البطريركية المنشغلة حالياً بقضايا أخرى.وإذا كانت أولى خطواته من الديمان فليس معروفاً اتجاه الخطوة الثانية وزيارته المقبلة. متصالحاً مع نفسه يتصرف سليمان فرنجية. المرشح الوحيد الذي يعلن ترشيحه ويسوّقه بصراحته المعهودة. لا يبالغ في التنبؤات ويعلم أن ترشيحه يجب أن يحظى داخلياً بغطاء مسيحي ومن بعده الثنائي الشيعي والسنة والدروز وإقليمياً مباركة السعودية وسوريا وليس بعيداً مصر. تغيرت وضعية فرنجية كمرشح رئاسي اليوم عن الفترة الماضية. مؤيّدوه لم يعودوا أنفسهم. «حزب الله» لم يعلن موقفاً واضحاً بعد، وكذلك رئيس المجلس نبيه بري، فيما وليد جنبلاط الذي كان خياره نواف سلام لرئاسة الحكومة، له أن يكون مختلفاً أيضاً في رئاسة الجمهورية، وعن الملعب السياسي غاب الحريري ومعه بات موقف السعودية ضبابياً.
في الأول من أيلول سيدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري حكماً الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. كل المواقف تلتقي على تأكيد ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ومن ضمنها مواقف الجهات الدولية والسفراء المعتمدين في لبنان.
من التصريح الذي أعلن فيه دعمه ترشيح قائد الجيش رئيساً للجمهورية إفتتح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع معركة الرئاسة الأولى. تلاه البطريرك الراعي الذي حدد مواصفات الرئيس المقبل. ما عدا ذلك فإن البحث في الموضوع الرئاسي بقدر ما يشهد زخماً خلف الكواليس إلا أن الصورة لم تزل غير واضحة بعد من ناحية المرشحين وتموضع التكتلات النيابية الكبرى والمسيحية على وجه الخصوص. لكن الاوراق ستنكشف حكماً بعد الإعلان عن أول جلسة لانتخاب الرئيس سواء اكتمل نصابها أم كان عقدها مستحيلاً.
تأخير تشكيل الحكومة وتعاطي الرئيس المكلف نجيب ميقاتي دليلان إضافيان على ان تشكيل حكومة جديدة لم يعد وارداً وان البحث انتقل إلى رئاسة الجمهورية. ومثل هذا الانتقال يريح ميقاتي، فهو يخلّصه من عبء تشكيل مستحيل في ظل ما تبقى من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون ويخفف وطأة السجال بشأن تأخيره بتشكيل حكومة بحجة الانشغال بالرئاسة.
أسبوع بعد أسبوع سينشط الحراك الرئاسي وأول تجلياته ظهر أمس بالزيارة التي قام بها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى الديمان للوقوف على حقيقة موقف الراعي من الاستحقاق الرئاسي وعما اذا كان يقصد شخصية معينة بالمواصفات التي طرحها.
مشكلة فرنجية أن القوى السياسية التي كانت تؤيده سابقاً لم يعد بعضها يؤيّده باستثناء «حزب الله» الذي لم يعلن لغاية اليوم أي موقف يتعلق بترشيح فرنجية أو غيره من المرشحين المحتملين.
على أن كل ما يجري حتى الساعة هو تحرك خارج الطبق الرئاسي وهو أن «حزب الله» وأخصامه لم يعلنوا موقفاً نهائياً حاسماً بالملف الرئاسي ولم يكشف اي منهم عن شخصية مرشحه المحتمل. ففي ما يتصل بـ»حزب الله» فإن الموضوع الرئاسي لا يزال موضع درس وتقييم وهذا سبب يجعل فرنجية قلقاً بالنظر الى جملة معطيات إقليمية ومحلية من شأنها أن تحدد بوصلة الانتخابات الرئاسية في لبنان.
بالموازاة لا يزال مرشح خصوم «حزب الله» مما يسمى بالقوى السيادية وقوى 14 آذار غير معلن بعد حيث لا توجد شخصية يلتقي على ترشيحها كل الاطراف أو غالبيتها.
بعد أن يحدد بري موعد الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية والتي ستكون إعلاناً لنهاية عهد ميشال عون الرئاسي، سيكون الجميع مجبراً على كشف أوراقه فهل سيكتمل النصاب من الجلسة الاولى أي 86 نائباً ويتأمن انتخاب رئيس للجمهورية من الدورة الاولى ومن سيكون هذا الرئيس؟
في المرة الماضية كان مفتاح انتخاب رئيس الجمهورية في يد «حزب الله» لكنه صار اليوم بيد المسيحيين اي بكركي والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. تأمين النصاب لأي جهة غير ممكن في ظل غياب كتلتي التيار والقوات وهما معاً إن اتفقا، وهذا مستبعد، قد يقطعان الطريق على أي مرشح محتمل، حتى سليمان فرنجية. لكن مثل هذا الاحتمال غير ممكن لان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لن يحلق رئاسياً خارج سرب «حزب الله» والتنسيق معه خصوصاً إذا تبنى «حزب الله» ترشيح فرنجية وخاض معركته داخل المجلس وخارجه. المعركة الرئاسية ستكون هذه الدورة أكثر صعوبة من المرّات التي سبقت، حتى بالنسبة لـ»حزب الله» بالنظر لشخصية الرئيس المطلوبة وتقاطعاته الإقليمية والدولية والمحلية.
جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي يشترط توافر نصاب 86 نائباً لانعقادها، ليست مضمونة الانعقاد في الموعد الذي سيحدد لأول جلسة انتخاب. واذا كان انتخاب الرئيس ميشال سليمان سبقه انعقاد 20 جلسة بينما سبق انتخاب عون 45 جلسة فإن من غير المعروف ما هو عدد الجلسات التي ستعقد قبل انتخاب رئيس جديد. المفارقة اليوم ان اي جهة لا تملك اكثرية نيابية تؤهل لوصول مرشحها الى سدة الرئاسة وحتى الساعة لم تبلور التكتلات النيابية مواقفها في العلن فيما هناك عمل دؤوب يتم خلف الكواليس حول إمكانية تشكيل تكتل نيابي واسع تكون كفته هي المرجحة. الأمور تحتاج الى وقت وبداية أيلول مفترق صعب. المهم فيه بالنسبة لبري وآخرين انه سيغلق الباب على عهد عون لكنه سيفتح أبواب البلد على المجهول.