Site icon IMLebanon

أصدقاء «جوزيف عون» يؤذونه… «فرنجيّة» الأوفر حظّاً

 

صحيح بأنّ «الدّيموقراطيّة التّوافقيّة» ليست بدعة لبنانيّة، وهي معتمدة في أرقى الأنظمة السّياسيّة العالميّة مثل سويسرا والسّويد وبلجيكا، ولكنّها الأسوأ تطبيقاً في لبنان في ظلّ تغليب المنطق الطّائفيّ على المنطق الوطنيّ، وتلك ترسّبات تكبير لبنان عام 1920 ثمّ تثبيت الميثاق الوطنيّ عام 1943 وصولاً إلى العام 1975 ووقوع الحرب الأهليّة.

 

لم تنتهِ حرب الخمسة عشر عاماً إلّا لحاجة الولايات المتّحدة إلى تبريد السّاحات المحيطة بالخليج العربيّ تمهيداً لدخوله من بوابة الكويت، فركّبت، على عجَل، اتّفاق الطّائف بالتّفاهم بين سوريا والسّعوديّة، ولم يكن في الإمكان أفضل ممّا كان بسبب استعجال الأميركان!

ولمّا كانت التّوازنات الدّوليّة والإقليميّة مستقرّة كان «البلد ماشي» برعاية سوريّة وتغطية خليجيّة ودوليّة، لكنّ اغتيال الرّئيس رفيق الحريري عام 2005 كان إيذاناً دمويًّا باختلال التّوازنات وتغيّر قواعد التّحالفات الخارجيّة انطلاقاً من بريد الرّسائل اللّبناني.

كان مقرّراً، حسب الوقائع، أن يعقب الإغتيال فوضى طائفيّة تجرّ المقاومة إلى الدّاخل، فتفقدها صفة الاجماع الوطنيّ وتضعها في خانة الميليشيات الّتي يجب التّخلّص من سلاحها.

يومها انتبه الرّئيس نبيه برّي إلى خطورة المرحلة فدعا إلى حوار وطنيّ استناداً إلى الظروف التي عاشها لبنان بعد مرحلة اغتيال الرئيس الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، ثمّ اغتيالات أخرى، وانقسام حاد بين فريقَي 8 و14 آذار.

حدّد الرّئيس برّي عناوين الحوار بناء على الملفّات المتفجّرة يومها:

• المحكمة الدّوليّة الخاصّة باغتيال الحريري.

• القرار 1559 وتداعياته.

إضافة إلى عناوين أخرى فرعيّة، وانتهى الحوار بالاتفاق على جمع سلاح الفلسطينيين خارج المخيمات وترسيم الحدود مع سوريا وتسهيل كشف الحقيقة في اغتيال الحريري.

صحيح بأنّ المحكمة الدّوليّة صارت عنواناً للخلاف لاحقاً، ولم تنفّذ بنود الحوار حرفيًّا، لكنّ جوهر الحوار تحقّق، وهو نقل الخلافات والتّوتّرات من الشّارع ووضعها على طاولة الحوار المباشر بين القوى الفاعلة، وقد سحب الحوار فتيل الفتنة السّنّيّة – الشّيعيّة، وهذا هدف أسمى لو لم يتحقّق لما بقي شيء اسمه لبنان!

ثمّ جاء عدوان تمّوز 2006 كمحاولة لتعويض الفشل في إيقاع الفتنة لسحق المقاومة بالقوّة، كما أعلن رئيس وزراء العدوّ آنذاك «ايهود أولمرت»، فنجحت المقاومة بالتّعاون والتّضامن مع الجيش والشّعب بالصّمود وفرض شروط لبنان على العدوّ الاسرائيلي.

بعد أشهر قليلة بدأت أزمة جديدة بسبب مسوّدة المحكمة الدّوليّة، فاعتكف وزراء حركة أمل وحزب الله عن اجتماعات حكومة الرّئيس السّنيورة، وقبل تفاقم الأزمة الّتي رافقها الاعتصام الشّهير وسط بيروت أعاد الرّئيس برّي الدّعوة إلى حوار جديد وفق عناوين الأزمة:

• انتخاب رئيس للجمهوريّة.

• حكومة جديدة ببرنامج اقتصادي وسياسيّ واضح.

• قانون انتخاب جديد.

لم تتجاوب قوى 14 آذار مع دعوة برّي وتصاعدت حدّة الخلافات والانقسام السّياسيّ إلى أن اجتمعت الحكومة «البتراء»، حسب توصيف برّي، يوم 5 أيّار واتّخذت القرارين الشّهيرين اللّذين أدّيا إلى أحداث 7 أيّار.

على الأثر وجّهت دولة قطر دعوة إلى حوار الدّوحة، فلبّى الّذين رفضوا قبل أيّام حوار بيروت، هنا يقول الرئيس نبيه برّي بحسرة: «رفضنا نتحاور هون، وسلّمنا على بعض بالطّيارة نحن ورايحين على قطر».

في الدّوحة لم يختلف جدول أعمال الحوار عن جدول أعمال حوار عين التّينة؛ يبدو أن «الكنيسة القريبة ما بتشفي» مثل شعبيّ يستشهد به برّي ليعبّر عن عتبه على اللّبنانيين الّذين يقبلون من الخارج ما يرفضونه في الدّاخل.

فهل ينتظر جعجع وباسيل دعوة خارجيّة للحوار؟

مصادر خاصّة قريبة من الثّنائي تؤكّد بأنّ مزايدات التّيّار والقوّات وحساباتهم الضّيّقة هي الّتي تعيق الوصول إلى انجاز الاستحقاق الرّئاسي، وكلّ ما يحكى عن مبادرات خارجيّة وتوجّهات أميركيّة وسعوديّة أو قطريّة لتبنّي ترشيح قائد الجيش غير صحيحة، فالأميركيون والسّعوديون مشغولون بملفّات أكبر من لبنان وليسوا معنيين إلّا بالحثّ على إنجاز الاستحقاق الرّئاسيّ، فلا هم يدعمون مرشّحاً ولا يضعون فيتو على آخر، هذه مجرّد شمّاعة يعلّق عليها المعطّلون تعطيلهم، ويهربون من الحوار لضعف حججهم الوطنيّة في مقاربة ملف رئاسة الجمهوريّة.

ينقل زوّار عين التّينة عن برّي بأنّه لن يكرّر دعوة أخرى إلى الحوار، لأنّ الكرة في ملعب الثّنائي الماروني، ولو اتّفقا على مرشّح لالتزم به الآخرون، وأوّلهم كتلة التّنمية والتّحرير.

وعن حظوظ قائد الجيش جوزف عون يقول مقرّبون من ثنائي أمل حزب الله: «الحملات الإعلاميّة لا تنتج رئيساً للجمهوريّة، وبعض القريبين من قائد الجيش يؤذونه بتسريب أخبار مفبركة عن قرب إعلانه مرشّحاً مدعوماً من الغرب والعرب؛ فحتّى الآن هناك مرشّحان وحيدان هما فرنجيّة ومعوّض. وحظوظ الأخيرة شبه معدومة، أمّا فرنجيّة فهو الأوفر حظًّا والأكثر قبولاً على المستوى الوطنيّ، وليس أقلّ من غيره قبولاً على المستويين الدّولي والإقليمي» وعن إمكانيّة وصول فرنجيّة قريباً إلى قصر بعبدا: «عندما يقرّر العونيّون تأييده يُنتخب في اليوم التّالي» تختم المصادر..